قصفٌ إيرانيّ رَماديّ لَم يقتل جرذًا وردٍ إسرائيليّ خجول لَمْ يجرح عَلجًا

6 د للقراءة
6 د للقراءة
قصفٌ إيرانيّ رَماديّ لَم يقتل جرذًا وردٍ إسرائيليّ خجول لَمْ يجرح عَلجًا

صراحة_نيوز | بقلم: آلاء قطيشات

هَل تتذكرون الرَد عَلى اغتيال سليماني؟

فِي مَطلع أبريل/نيسان استهدفت إسرائيل قنصلية إيران فيِ دمشق، مِما أدى إلى مَقتل قادة مِن الصفّ الأول للحرس الثوريّ، حيث اعتُبر ذلك استهدافًا مباشرًا للأراضي الإيرانية وَفق المادة (51) من القانون الدوليّ باعتبارها أرضًا إيرانية.

تصريح إيران بالردِ عَلى قصفِ إسرائيل قنصليتها فِي دمشق، يُذكرنا بإبلاغ طهران لواشنطن عقب اغتيال سليماني بمكانِ رد إيران وتقدم الطلب الرسميّ مِن ترامب السماح بردٍ في العراق بلا خسائرٍ ماديّة ولا بالأفراد!

أسَمعتَ يومًا ورأيت عدوًا يَقول لعدوه سَوف آتيك غدًا بقوةٍ هكذا حجمُها وشكلها وتوقيتها وقُدرتها، هذا الإعلان عَن رد إيران يسقط جديّة الرد بنتائجه ويحوله إلى ردٍ مسبوق بإبلاغ الطرف المُستهدف لتجنيبه الخسائر، ونقل الرد من حالة الانتقام لقتلى قيادات الحرس الجمهوريّة الإيرانيّ إلى مُجرد رفع عتب وامتصاص الغضب الداخليّ وبين أنصار هذا المحور الذي لم يعد مقاومًا.

إسقاط عامل المُفاجأة فِي الإبلاغ عَن زمان الرد الإيرانيّ يقلل من أهميته، ويبلغ رسالة لتل أبيب أنَّ إيران قد رسمت حدودًا متواضعة لا ينقل معها رد الفعل الإيرانيّ إلى مستوى التصعيد.

لَمْ نَرى مَهزلة فِي حياتنا كتلك التي تجري فِي الشرق الأوسط في مسرحية (مَدرسة المُشاغبين بَين إيران وإسرائيل) مِن إعداد وإخراج النظام العالميّ وبطولة الكيان الصهيوني وكهنة الظلام في إيران.

فضيحة بِكُل المقاييس “الرد الإسرائيليّ”

بَعد توّعد إسرائيل بالرد، بَعد أن شنّت ضدها إيران نهاية الأسبوع الماضي هجومًا بمئات الصَواريخ والمُسيرات، ردًا عَلى استهداف مَقر قُنصليتها بدمشق في الأول من أبريل/نيسان الجاري بقصفٍ إسرائيلي، مما أدى لمقتل ضباط إيرانيين كبار.

وَجهت إسرائيل ضربة داخل إيران فَجر اليوم الجمعة، في حين قالت طهران إن انفجارات وقعت فِي سماء مدينة أصفهان، وتم تفعيل المضادات الدفاعيّة في أجواء البلاد.

فِي ظل ذلك صرّح بن غفير عَبر صفحته عَلى موقع اكس بكلمةٍ واحدة “مسخرة!” وذلك في أعقاب تقارير تحدثت عن ضربة إسرائيلية محدودة داخل إيران.

الضّربات المُباشرة بين إسرائيل وإيران انتهت، مَع ذلك إسرائيل فقدت مَا تبقّى مِن هيبة ردعها أمام جمهورها وحُلفائها؛ فهجمات اليوم هي خلاصة المَشهد الشامل، هجمات تُرضي الكيان ولا تستدعي ردًا إيرانيًا ولا تهدد بحربٍ إقليمية وترضي الأمريكان الخائفين مِن حربٍ تشغلهم عن أولويتهم الاستراتيجية فِي مواجهة الصعود الصينيّ الروسيّ!

وعَلى مَا يبدو أن المسرحية متفقٌ عليها بالتنسيق بين إيران وأميركا وسلطات الاحتلال الإسرائيليّ، وأنها مجرد ضربات وهميّة لحفظ ماء الوجه المُراق منذ سنين.

إيران وإسرائيل وَجهان لِعُملة وَاحدة

وفق ما صرّح به وزير خارجية بريطانيا الأسبق (جاك سترو): “إسرائيل كَانت تُزود إيران بالأسلحة فِي الثمانينات، وشارون كان يشرف عَلى تجهيز إيران بالأسلحة” ومِن ذلك الوقت وإيران تصرخ الموت لإسرائيل! بينما صواريخها عَلى العرب!

إيران لَعبت عَلى المسرح الدوليّ دور العدو اللدود لإسرائيل جهارًا، بينما تتقاسم معها سرًا الأدوار في السيطرة عَلى الوطن العربيّ، وفي ذلك الوقت تستمر حفلات الألعاب الناريّة فِي المنطقة بتنسيقٍ مدروس رفيع المستوى وبين هذا وذاك شعوبٌ تصفق لجهةٍ وشعوب “تزغرط” لأخرى.

فهذا يدفعنا لنرى أن إيران قدّمت مَشهدية حبست أنفاس المنطقة بالإعلام والشكل، أما إسرائيل فنفذت ضربة مكتومة لحفظ ماء الوجه.

ومن هُنا فَقد عمدت طهران مِن البداية إلى إرسال رسالة واضحة لأميركا عَن طريق الوسطاء بأنها مُضطرة للرد في عُمق الكيان، مع إبداء حرصها عَلى عدم الانجرار لحربٍ إقليميّة، وأنها ستضرب ضربة مُحددة.

هَلْ للأمر صلة بالعمليات البريّة عَلى رفح؟

خرجت تسريبات فِي الأيام الأخيرة والتي قالت إن “الكيان” قَد وعد واشنطن بعدم استفزاز الإيرانيين، والدفع نحو حربٍ إقليميّة، ولكن في مُقابل تأييدها لاجتياح رفح.

فإن الضربة الإيرانيّة «الفشنك» أدت إلى لَملمة الداخل الإسرائيليّ لمصلحة نتنياهو، وإرجاع تَعاطف كُل الدول الكبرى خُصوصًا أمريكا وفرنسا وبريطانيا، بل إنها قد تعطى فرصة لتحالف دوليّ مع إسرائيل لمزيد من العقوبات ضد إيران، بَلْ استهداف برنامجها النووي‫.

أي أن مَا جَرى هُو عملية تبييض لِوجه الصَهاينة بَعد عارهم فِي غزة وافتضاح أمرهم وكشف وجههم الحقيقيّ أمام العالم.

وفِي تلك الأوقات، مَا زَال نتنياهو يؤكد عَلى أهمية شنّ عمليات بريّة فِي رفح من أجل تفكيك ما تبقى من كتائب حركة حماس، عَلى الرُغم مِن الضغوط التي مارستها واشنطن.

وقد كرر مسؤولون أميركيون، الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة لَم تر أي بوادر لخطة شاملة من الإسرائيليين بشأن كيفية تَنفيذ مثل هذه العملية، بما في ذلك نقل غالبية المدنيين الذين يقدر عددهم بـ 1.4 مليون مدنيّ خارج رفح.

ففي ظل مَا حدث، فِي الأيام الأخيرة تم السماح لأهل شمال غزة بالعودة إليها (بهدفِ تخفيف الوجود المدنيّ فِي رفح)، مَع اقتراب استكمال مخيمات الإيواء في الطرف المصريّ، والأهم مِن هذا الضربة الرمزيّة التي وجهتها إسرائيل لإيران “مُباركة أمريكية”؛ كُل ذلك فِي مجمله يدعم مخطط اجتياح رفح وحصول نتنياهو عَلى موافقة أمريكيّة تسمح له باستكمال التحضير للعمليّة.

فهُنا السؤال، هل سيتم اجتياح رفح التي باتت الملاذ الأخير لسُكان قطاع غزة، حيث يقطنها مَا يقرب من 1.5 فلسطينيّ فرّوا مِن ويلات الحرب المُستمرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المَاضي!.

Share This Article