صراحة نيوز _بقلم محمد جمعة الخضير
الحركة الطلابية ومضة الحرية التي انبثقت من غياهيب الظلام ، باشتعال العقل اليافع بانسانية الإنسان، النابع من وعي ناشئ بإيحاء الضمير الصادق المخلص في وجدان الحركة الطلابية ، التي لعبت منذ بزوغ تاريخ نشأتها ، أينما حلت دوراً جوهرياً في ولادة حركات تغييرية إصلاحية، وأضفى تكوينها على سلوكها السياسي معنى وقيمة بما هو غير مألوف في حينه من ممارسة سياسية سلمية، ذات رؤية تغييرية، تضيء بحالة وعي متوقد للمستقبل ، تجسد حيزها العام بحراك طلبة شكل رأيا عاما ووفر لها نضالها المتراكم مجالاً حراً غير محدود ” بهوية اجتماعية أو بطبقة أو معتقد إنما بالقضايا العامة والاممية، في أوسع دائرة تأثير لها “.
ويعود ذلك بفضل قدرة الطلبة على التحرر من الأعباء التي تحد من تفاعلهم، وعظم من دورهم تقاربهم على اختلاف بلدانهم وقومياتهم، بما يجمعهم من قوة تأثير في عمق واقعهم الاجتماعي ، وعلى رأس ذلك سمات سن الشباب ، بالإضافة إلى ما يشكله قاسم العمر من طاقة هائلة وإرادة طموحة، لم تكبلها بعد أعباء الحياة ، كما ويعمق تشابه تحدياتهم وهمومهم وقضاياهم الطلابية بسرعة عدوة تأثرهم بمواقف أقرانهم مهما فرقتهم الجغرافية والمعتقدات .
ويودي هذا التشابه دورا بصناعة مناخ ملائم لحراكهم الذي غالباً ما يبدأ بمطالب طلابية، لكنه سرعان ما يتعاظم ويتسع ليتحول إلى مطالب سياسية قوامها التغيير وهذا ما عبرت كثير من الشواهد تاريخياً – مثل حركة مايو- وحركة مناهضة استمرار حرب فيتنام ، وما زالت تلك الروح الأممية لنضال الطلبة لم تنطفى جذوتها المتقدة بما نشاهده من القوى الطلابية في الجامعات الأمريكية والأوروبية في حركتها الاحتجاجية التي انطلقت مؤخراً من جامعة كولومبيا ، منددة بالإبادة الإسرائيلية التي مضى عليها أكثر من مئتي يوم على قطاع غزة والضفة .
ويؤكد حراك الطلبة المؤيد للحق الفلسطيني بأن الكيان الصهيوني فشل بشكل ذريع بتسويق روايته المظللة التي لم تنطلٍ على جيل الثورة الرقمية المندفع سلوكه بحركة وعي منبثق من معرفة حقيقة ما يجري من جرائم إنسانية تجاوزت ” 35 ألف قتيلا من نساء وأطفال وشيوخ ” ويعود الفضل بنشوء حالة الوعي في المقام الأول لما وفرته المنصات الإلكترونية وخصوصاً ” السوشيال ميديا “من نوافذ تبين الحقيقة التي طالما حجبتها الرواية الإسرائيلية ، بتواطئ سلطة رأس المال المتحكم بالإعلام الغربي ، الذي فقد كثير من قوة تأثيره لما بلاه الشباب الفلسطيني والعربي من بلا مميز في تعرية جرائم الاحتلال
الأمر الذي أدى إلى إطلاق شرارة الحماس النضالي في القلوب اليافعة في دول تعد من معاقل الدعم للكيان الصهيوني ، حيث ان قيمة هذا التغيير حدث في عمق مجتمعاتها ويمثل ذلك بالضرورة دلالات على غاية من الأهمية في تغير أدوات ووسائل الصراع في ساحات القوى العالمية التي طالما كانت الرواية الإسرائيلية المظللة مهيمنة على وعي شعوبها
وفي رأيي يكمن أهمية التحول المشار إليه سالفاً بأنه حدث في شريحة الطلبة تحديداً ، وهي التي مثلت ارآها ومواقفها وحراكها على الدوام دوراً مقلقاً لصناع القرار ، نظراً لقدرتهم الهائلة على التحرك بحماس على الأرض وأيضاً مهاراتهم العالية في التأثير بالراي العام وهذه من المسائل المهمة التي تؤثر في عملية صنع القرار .
وفي ذات السياق يبعث الحراك الطلابي رسائل عميقة للقوى الطلابية في العالم العربي مفادها أين أنتم من مد يد العون لنا ! رغم أن ثمة حراك متواضع لطلبة في بعض البلدان كان أبرزه في الأردن إلا أنه أصابه حالة فتور في الجامعات الكبرى وتعزا الأسباب إلى دخول الجامعات الكبرى تحضير انتخابات اتحادات الطلبة الموقوفة منذ أزمة كورونا ،
لكن نأمل في أن تتصل عدوة الحراك الطلابي جامعاتنا العربية التي كانت في كثير من المراحل شعلة متوقدة بالحماس النضالي والذود عن القيم الإنسانية العليا قبل أن تقلم بعد الربيع العربي ولعلى عدوة تأثرهم تصيبهم بربيع يعيد لطلبة ألقهم وعنفوان عطائهم وتعود الجامعات مصنعا لتصنيع القيادات كما كانت فيما سبق ومضى في سالف الوقت.