في “اليوم العالميّ لحرية الصحافة” غَزة دَقت المسمار الأخير فِي نعش المهنيّة الصحفيّة

5 د للقراءة
5 د للقراءة
في "اليوم العالميّ لحرية الصحافة" غَزة دَقت المسمار الأخير فِي نعش المهنيّة الصحفيّة

صراحة نيوز – آلاء قطيشات

في “اليوم العالميّ لحرية الصحافة” هُناك قُوى مَجهولة تُريدنا أن نَصمت؛ فَماذا نفعل؟

حُرية الصحافة هي تَعبير صارخ عَن قاع الإنسانيّة، ففِي اليوم العالميّ لحرية الصحافة، المُحدَّد من قبل الأمم المتحدة في اليوم الثالث من شهر مايو كل عام، وسط موجات العنف والحروب والصراعات هناك 141 صحفيًا استشهدوا في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وهناك 53 صحفيًا فلسطينيًا رهن الاعتقال بسجونِ إسرائيل بينهم 43 اعتقلوا بعد بداية حرب غزة.

هذا هجومٌ واضح عَلى حرية الصحافة وانتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقوانين الدوليّة، ومَع ذلك لَم نرى أي تدخلٍ فعليّ مِن “المُجتمع الدوليّ”؛ هذا المُسمى الكاذب والاصطفاف الأعمى خلف أمريكا.

آثار القمع التي تقع على حريّة التعبير جليّة

في حين يتمّ تسليط الضوء بشكلٍ متكرّر على أهميّة الحرية وحريّة التعبير في المناقشات العامّة، لم تقدّم أيّ توصيات فعّالة وضروريّة لتحديد كيفيّة التصدّي للخطر الذي يهدّد حريّة الإعلام، فالحصانة الممنوحة للجسم الصحفي أوهن من بيت العنكبوت.

إذ تتّخذ قضيةُ حرية الإعلام طابعًا خاصًا في منطقة الشرق الأوسط، وتُصنّف المنطقة على الصعيد العالميّ، أخطر منطقة بالنسبة إلى الصحافيّين. وليس إليهم فحسب، إنّما أيضًا إلى قنوات الإعلام المهدّدة بالانقراض، وليست بقفزة نوعية من عدم احترام الصحافيين إلى عدم احترام وجود وسائل الإعلام.

بالإشارة إلى أن المادة 79 من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف عام 1949 تنص على أن: “‎ الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنيّة خطرة في مناطق النزاعات المسلحة هم أشخاصًا مدنيين، وتجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات شريطة ألا يقومون بأي عملٍ يسيء إلى وضعهم كأشخاص مدنيين “.

بالإضافة إلى دراسة اللجنة الدولية عن القواعد العرفية للقانون الدوليّ الإنسانيّ (2005) في قاعدتها 34 من الفصل الـ10 التي نصت على أنه “يجب احترام وحماية الصحفيين المدنيين العاملين في مهام مهنية في مناطق نزاعٍ مُسلح ما داموا لا يقومون بجهد مباشر في الأعمال العدائية”.

قمّة المسخرة والاستغفال!

الاتحاد الأوروبيّ الذي يَدعم حماية الصحافة وحُرية التعبير، هو نفسه الذي يقف بصفِ إسرائيل، وهو نفسه الذي رَفض طلب إيقاف إطلاق النَار عَلى غَزة. هذه هي حقيقة دُعاة الإنسانية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة لدى من يكيلون بمكيالين ويخرقون القانون الدوليّ الذي لم يوجد إلا لخدمة أمريكا وأوروبا.

أيّا سَفلة، ومؤسسو رجسة الخراب صَدعتم رؤوسنا بحقوقِ الإنسانِ وحُرية الصَحافة، ذلك الذي يقتل الكلمة ولا يخشى الضمير العالميّ يدمر برج الإعلام (الجلاء) وهو واثق أن المجتمع الدولي لن يرفع صوت الإدانة.

غَزة دَقت المسمار الأخير فِي نعش المهنيّة الصحفيّة

الأنظمة الغربيّة الأمريكيّة التي تدعي الحضارة والتقدم والديمقراطية وحقوق الانسان وحرية الصحافة والتقدم التكنولوجي، قد قتلت الأعزل والصحفي والطبيب والمسعف والعامل الإنسانيّ، وفِي ظل مَا يترجم على أرض الواقع في قطاع غزة من اغتيالات واستهدافات للحقيقة وللقلم والصورة، ووأد مكتمل الأركان للجسم الصحفي، جراء مُمارسات الكيان المحتل في عدوانه المُمنهج على قطاع غَزة.

بعد الحرب عَلى غَزة، الكُل كشر عَن أنيابه، بالتزامن مَع مزاعم حقوق الإنسان وحرية الصحافة والرأي والرأي الآخر التي يتشدق بها الغرب، فالحرب عَلى غزة أسقطت الأقنعة وأسقطت الإعلام الغربيّ للقاع، وفضحت الإزدواجية الغربية وزيف حُرية الصحافة التي يُنادى بِها مِن مئات السنين، فلقد كشفت أمريكا عن سوأتها في غزة وتعرت تمامًا.

العدوان الإسرائيليّ الغاشم المُستمر عَلى غزة، خلّف عشرات آلاف الضحايا مِن الشُهداء والجرحى والمفقودين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا بالمباني السكنيّة والمَرافق الحيوية، وسط مجاعة تخيم على القطاع المُحاصر مع شحّ دخول المساعدات، فهذه الغطرسة الصهيونيّة فاقت كُل الحدود والاحتلال مَا زال مُستمرًا بعدوانه الهمجيّ عَلى قطاع غزة ومَا زال ينكل بالصحفيين لمنعهم مِن تغطية انتهاكاته، ضاربًا بعرض الحائط كُل القيم والمبادئ والأعراف والقوانين والمعايير الدوليّة التي تقوم عَلى حماية الصحفيين، وضمان حرية التعبير ونقلهم الموضوعي والميداني للأحداث كافة”.

لَقد دقت غزة المسمار الأخير فِي نعش المهنيّة الصحفيّة وحرية التعبير لمؤسساتٍ وشخصياتٍ إعلاميّة كبيرة في الغرب، وأوضحت لمَا لا يجعل مجالًا للشك أن الصحافة الغربيّة صاحبة هامش الحُرية الأكبر وأنها مُوجهة ومتحكم بها من اللوبي الصهيوني، وقد فقدت مهنيتها وأخلاقيتها ورسبت في اختبار غزة.

وفِي نهاية الحَديث أؤكد عَلى أن حرية الصحافة تُوازي فِي أهميتها حرية الأفراد والمُجتمع على حدٍ سواء، ولا سيّما عندما تَكون حُرية التعبير إحدى أبرز وأهم الحُريات التي يكفلها ويصونها الدستور، ولا يجوز تقييدها لأي سبب من الأسباب.

فأنا صحفيٌ حُرٌ لَيس لِي يدان ولَيس لِي أسلحة ولَيس لِي ميدان، كُل الذي أملكه لسان.

وهُنا اختتم بالإجابة عَلى سؤالي الأول:
هناك قوى مجهولة تريدنا أن نصمت فماذا نفعل؟ عَلينا أن نطلق وحوشنا لتلتهمها.

في "اليوم العالميّ لحرية الصحافة" غَزة دَقت المسمار الأخير فِي نعش المهنيّة الصحفيّة

Share This Article