صراحة نيوز _ملك سويدان
مُنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، صدحت حكومات الولايات المتحدة الأمريكية المُتعاقبة وتبجحت أمام العالم بقيم حرية الرأي والتعبير التي تحميها، كَما تزعمت ركب الديمقراطية الغربية وحرصت على نشرها بأي ثمن؛ لكن غمامتها اليوم، زالت عن أعين الغافلين، ليروا الوجه الحقيقي لدولتها العنصرية.
تمثال الحرية الشامخ أمسى معتقلًا، مكبل اليدين، معصوب العينين.
لطالما كَان القمع وتكميم الأفواه، عادة قديمة، تمارسها أمريكا سرًا مُنذ زمن بعيد، لكنها تمارسها الآن علنًا على رؤوس الخلائق بكل صفاقة.
أحداث حرب غزة فضحت الكثير مِن الدول من أدعياء الديمقراطية، في طليعتها أمريكا، التي خرجت بعض ولاياتها تُطالب في إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار فوريّ، كما طالبت الكونغرس بعدم السماح بإرسال الأسلحة إلى الجيش الإسرائيليّ ليستمر في جرائم الإبادة والتطهير العرقي، حيث هب الأمريكيون في المدارس والجامعات ليظفروا بالنصيب الأكبر من الحراك الشعبي، وسارعوا إلى إيقاف التعليم ونصبت الخيام الاعتصام، اعتراضًا على سياسات جو بايدن العنصرية.
هذه التظاهرات الضخمة في الجامعات، دليل دامغ عَلى وعي الطلبة وقدرتهم في الضغط على الحكومة والمساهمة فعليًا في صنع القرار السياسي، وتظهر مدى إنسانية هؤلاء الشباب عبر وقوفهم في صف أهالي قطاع غزة والشعب الفلسطيني رغم بعد المسافات.
طلاب الجامعات الأمريكية حاليًا، يخاطرون بحياتهم ومستقبلهم العلمي والمهني من أجل القضية الفلسطينية، فكل طالب تظاهر وعبر عن رأيه، قد يحرم لاحقًا مِن العمل في الشركات والبنوك الواقعة تحت سيطرة اللوبي الصهيوني، كونهم سيوصمون كالعادة بتهمة معاداة السامية.
المشاهد التي نراها يوميًا في الولايات المتحدة الأمريكية وجامعاتها لم نشهد لها مثيل من قبل وثبت دو أدنى شك أن العالم لم يخل بعد من الأحرار الذين تمسكوا بالإنسانية وقيمها.
أما الحكومة الأمريكيّة، فقد باتت تواجهه بدورها خوفًا غير مسبوق من اهتزاز صورتها أمام المظاهرات السلمية المساندة للقضية الفلسطينية، التي تستحق أن تفتح لها صفحة جديدة ناصحة من التاريخ الأمريكي الحديث وتسجل للأجيال القادمة بأحرف من ذهب، بعد أن وقفت بشجاعة شبابها ضد العنصرية الغربية المقيتة ونادت بالديمقراطية الحقة والحرية لشعب مَظلوم يباد على الملأ.