صراحة نيوز _إبراهيم عبد المجيد القيسي
كثيرون ينتظرونه؛ في كل بلدان العالم الديمقراطية، أو التي تسير نحو تطبيق
النهج الديمقراطي، وثمة شعوب ما زالت ترزح تحت نير الديكتاتوريات والأنظمة السياسية الأخرى المختلفة، لا تمارس الديمقراطية، ولا تنتهز مواسمها لبث مزيد من وعي في مجال مشاعر وأفعال المواطنة الإيجابية، وتسييد القانون على التفاعلات العديدة بين الناس والمؤسسات.. فرحلة إحقاق حقوق الجمهور طويلة بالنسبة لمجتمعات لم تتخذ من الديمقراطية طريقة حياة.
أمس؛ كنت مدعوا ككاتب صحفي في جريدة الدستور، لحضور جلسة حوارية مع وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، وبسبب طارىء ما في الكرك، لم أتمكن من الحضور في الوقت المحدد، ولا بد سأسعى لمعرفة المزيد عن التحضيرات الحكومية لانتخابات مجلس النواب الـ20، فالجديد بالموضوع هو قانون الانتخاب «بحلّته الجديدة»، أعني بعد تلك الخطوات التي حققتها الدولة الأردنية على طريق تحديث وتطوير الأداء السياسي، ومنظومة تشريعاته، فالقوانين تحتاج دوما لاستيعاب الجديد، وتنظيمه، وكان وما زال مطلب الدولة الأردنية ملكا وشعبا ومؤسسات، ترسيخ نهج المشاركة في صناعة القرار، وإفساح المجال أمام المواطن في تحديد شكل أداء المنظومة السياسية، التي تدير الشأن الأردني.
القانون الجديد الذي وسع قاعدة المشاركة الحزبية، على طريق الوصول لمجالس حزبية وحكومات حزبية، تحتكم الى البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع المحافظة على «الثوابت الأردنية الرئيسية»؛ سيتمخض عنه مجلس نيابي جديد، وبمقدار التفاؤل الكبير بإفرازات هذ القانون فهناك «مغامرة سياسية» أيضا، نتمنى ان تتكلل بالسلامة، ولا تفشل، سيما وكل الظروف المحلية والدولية والإقليمية بالغة السوء، والخشية الحقيقية تتعلق بثوابت أردنية قد يفهم بعض المغامرين بها والمراهنين على فنائها، بأن الأحزاب بديل مناسب ليحل مكانها، وهذا اعتقاد خاطىء بلا شك، حيث لا يمكن للأردنيين ان يتخلوا عن «عباءة قيم الحماية الاجتماعية والأخلاقية» لصالح كيانات قانونية حزبية، يحكمها برنامج مكتوب معلن قابل للتصويت عليه وتغييره وتعديله، بينما نقطة ارتكاز المجتمع الأردني، التي حفظت توازنه هي منظومة قيم تشكل «دستورا» غير مكتوب، لكنه هوية أمان واستقرار وطني، تحرسه «تابوهات» تتخذ صفة القداسة وتحوز كل الثقة..
مهمة الأحزاب قبل النواب وقبل الناخبين، ان تقدم ما يقنع الناس ببرامجهم التي تحمي الثوابت الاردنية الرئيسية، وان لا تجعل منها سلعة بدورها، لترويج برامجها، بينما لا تخدمها او تحافظ عليها في ضوء التنافس الحزبي المشروع..
نكتب للمرة الأولى عن قانون الانتخاب الجديد بحذر له ما يبرره، في ظل الانهيارات العالمية الكبيرة التي قدمت اشكالا سلبية من الرّدة عن القيم والمفاهيم والمبادىء والقوانين، في ظل تطبيق سيئ لليبرالية، التي ذهب منها كل شيء عند التطبيق، ولم يثبت سوى «المصلحة الحزبية والتحصيلات الرقمية»، بينما لا بواكي لا على الحقوق ولا القيم ولا القوانين ولا الأخلاق.. ولا مجال لذكر الأعراف، فالسياسة حول العالم أصبحت مجرد لعبة ديناميكية لتحقيق الممكن، لا نلمس كل بشاعتها سوى عند التنفيذ، بيننا على الورق وفي الندوات والحوارات والقوانين ووسائل الإعلام والسوشال ميديا، الامر نظري مختلف تماماً مع النتائج، ويصلح القول فيه بأنه فصول من ملهاة عالمية كبيرة.
هل ستقدم أحزابنا وبالتالي انتخاباتنا ومواطننا النموذج الأكثر ملائمة لواقعنا الاردني، وقضايانا الكبيرة، ويتعزز مفهوم ثوابتنا الأردنية في ممارستنا السياسية؟.. سؤال كبير لا تحليل معه ولا تفسير الا بالتجربة والتطبيق، لهذا فموسم الانتخابات الذي انطلق بإرادة ملكية «دستورية» من أهم مواسمنا السياسية، التي ينتظرها الصادق و»الكاذب».. فلكل منهما حساباته
موسم انتخابات
