اليوم كل العالم يعرف حكاية النكبة الفلسطينية التي غيبت عنه منذ 76 عاما ،  وهو اليوم مقتنع بحقوق الشعب الفلسطيني السياسية بالحرية والإستقلال واستعادة أرضه السليبة من النهر إلى البحر .

اليوم العالم يعرف من يملك الهوية والتراث الحقيقي الذي احتفل العالم به واظهره في مظاهراته في كل الميادين

ففي كل الميادين العالمية عبر العالم عن الهوية الفلسطينية بالثوب الفلسطيني المطرز والمحلى بكل النقوش والألوان التي تحاكي الوان ارض وسماء وبحر وأشجار وزهور وسنابل فلسطين وسهولها وطيورها .
و في كل الساحات والميادين والجامعات  العالمية صدحت الاغاني الشعبية الفلسطينية ، وحضرت وجبة المقلوبة ، وتم توزيع شرائح البطيخ مثلثة الشكل كرموز  تؤكد بأن الشعب الفلسطيني المقاوم صاحب حضارة وتراث عريق له دياناته ، وتاريخه ، وعاداته وتقاليده ، وتراثه الغني ” ازيائه ، وطعامه ، وصناعاته التقليدية ، وموسيقاه ، ومواويله وتراويده  و اغنياته ”
هذا ما يميز الهوية الحضارية الفلسطينية فماذا كان  لدى العدو الصهيوني سوى ثبوت محاولته سرقة مكوناتها دون جدوى ودون أن ينجح لانه بذلك كان  كالغراب الذي اراد أن يقلد مشية الحمامة .

بالامس أراد ياسر عرفات من اوسلو نقل الصراع من الخارج إلى الداخل الفلسطيني ، وبكل المعايير ورغم كل مساوئ أوسلو فهاهو الصراع قد إنتقل إلى الداخل الفلسطيني ،  وهاهو العدو الصهيوني يتنصل من أوسلو لأنها تخالف قناعاته التلمودية القائلة بأن فلسطين كل فلسطين هي أرض ميعاده التي لا يشاركه بها احد ، ولكن السحر إنفلب على الساحر ، وها هو العالم اليوم  يضع على الطاولة السؤال الوجودي الذي يخشاه نتنياهو وصحبه اليمينيين من قوى التطرف الصهيوني ..   وهو السؤال حول  شرعية الوجود الصهيوني  على أرض كنعان … وهو سؤال أجابت عليه كل شعوب العالم  بالنفي  ….،وبإبراز كل مكونات الهوية الفلسطينية  في كل  ساحاتها ، وبالمطالبة بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر .

أما على الجانب السياسي فاليوم  في ذكرى النكبة تنعقد قمة المنامة التي لم تستطع حتى ان تطور لغة الخطاب العربي القومي السياسي ، ومازالت القمم العربية تراوح مكانها في عدم قدرتها على إتخاذ خطوات عملية لنصرة القضية الفلسطينية ، ولو حتى من باب الإنتصار ليوم النكبة بقرار تغييري مثل تجميد علاقات التطبيع وإتفاقيات السلام مع العدو الصهيوني لحين انسحابه من غزة والتوقيع على إطار سياسي مفضي لعملية سلام تمكن الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة المطالب بها  وفق مبادرة السلام العربية 2002 .

لكن قمة الأمس في البحرين لم ترقى لمستوى أداء مقاومي غزة الذين الهبوا دبابات العدو الصهيوني واوقعوا افراده بين قتيل وجريح بعمليات فدائية بطولية عز مثيلها في تاريخ الحروب الحديثة

وقد حفل بيان قمة البحرين بعبارات لغوية  إنشائية مثل   نؤكد ، وندعو ، وندين ، ونطالب ، ونشدد ، وفيض من العبارات التي لم تبرح  مكانها الذي يتمحور حول الامنيات والتمنيات دون مسوغ عملي يفرض أمرا ما على العالم وقياداته السياسية ..  تماما كباقي بيانات الأمة السابقة  التي اعتمدت  على مدى عقود من الزمان عبارة :
” نستنكر بأشد العبارات ” دون أن يعرف المواطن العربي ماهي تلك العبارات الشديدة  حتى يومنا هذا  .

أما على صعيد المواقف السياسية الإستراتيجية فنحن نتسائل:
عندما تؤكد الولايات المتحدة الامريكية ومحورها من القوى الغربية  يوما بعد يوم بانها الد اعدائنا وانها تعمل على إضعافنا وتقف أمام تطورنا وتقدمنا وأمام إمتلاكنا  لقرارنا الوطني وتطمع  بمقدراتنا وثرواتنا الطبيعية فكيف نقبل ذلك وفيه فنائنا وضعفنا

إن ابسط القواعد تقول بان التحالفات الناجحة هي التي تقوم على مبدأ رابح رابح ، بينما يقوم تحالفنا مع الولايات المتحدة الامريكية والقوى الغربية على مبدأ ربحهم وخسارتنا .

في عالم اليوم يعمل الإتحاد السوفيتي والصين  على إنهاء الهيمنة الأمريكية احادية القطب على العالم سياسيا وعسكريا واقتصاديا ببناء تحالف يقف في وجه أمريكا ومعسكرها ، لكننا لم نقترب من  هذا التحالف ولم نكن جزء منه ، أو على الأقل بناء علاقات متوازنة وحيادية مع المحورين على قاعدة تحقيق مصالح امتنا ، والتقوي أمام كل من يستبيحون دمنا ويسطون على مقدراتنا ويطمعون بإستعمار  بلادنا بقواعدهم العسكرية  .

اذن علينا أن نحسن خياراتنا واماكن تواجدنا وماهية تحالفاتنا ، لأننا بنهجنا الحالي نضع أنفسنا في خانة الأمة الأضعف التي لا تحترم لها كلمة ، ولا يحسب لها أي حساب .