انهيار القيم: عندما يفقد المعلم هيبته في مواجهة التسيب الطلابيٍِِ

3 د للقراءة
3 د للقراءة
انهيار القيم: عندما يفقد المعلم هيبته في مواجهة التسيب الطلابيٍِِ

صراحة نيوز – إسلام مطير

في عصرنا الحديث، يشهد المجتمع تغييرات جذرية تساهم في انتشار التسيب والانحلال الأخلاقي بين الشباب. هذا التسيب بات واضحًا في سلوكيات الطلاب داخل المؤسسات التعليمية، حيث أصبح بعضهم يتجاوز حدود الأدب والاحترام، متجرئين بتعديهم على المعلمين وتحقير قيمتهم السامية.

المعلم، ذلك النبراس الذي ينير دروب المعرفة، يجد نفسه في مواجهة عاصفة من الإهمال والاستخفاف. فقد قلَّت هيبته في عيون طلابه، وتلاشت تلك الهالة التي كانت تكلله كمربي وصانع للأجيال. إن التقليل من شأن المعلم يعد جرحًا غائرًا في جسد المجتمع، لأنه يضرب في صميم منظومة القيم التي يجب أن يُرَبَّى عليها أبناؤنا.

لم يعد المشهد التعليمي كما كان عليه في السابق؛ حيث كانت المدارس معاقل للعلم والأخلاق، تُزرع فيها القيم وتُبنى الشخصيات. بل أصبحنا نرى اليوم صورًا مؤلمة لتعدي الطلاب على معلميهم، سواء كان ذلك بالتلفظ بألفاظ نابية أو بالتهجم الجسدي. هذه الممارسات تشكل تهديدًا ليس فقط للعملية التعليمية، بل لنسيج المجتمع بأسره.

في هذا السياق، أوضح الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم، الدكتور أحمد المساعفة، بخصوص الفيديو المتداول حول الاعتداء على معلم بالضرب، أن المعلم يعمل في إحدى المدارس الحكومية التابعة لمديرية قصبة عمان، وأثناء قيامه بواجبه التربوي والأخلاقي لفض مشاجرة حدثت بين مجموعة من الطلبة خارج أسوار المدرسة، تعرض للضرب على رأسه من أحد أولياء الأمور، وكذلك لتصرفات غير مسؤولة من قبل طالبين اثنين، أحدهما من نفس المدرسة التي يدرس بها المعلم، والآخر من مدرسة مجاورة. وأضاف الدكتور المساعفة أن الحالة الصحية للمعلم جيدة ومستقرة، وأشار إلى أنه تم تقديم شكوى لدى الجهات الأمنية بحق المعتدين، وكذلك ستقوم وزارة التربية باتخاذ العقوبات الرادعة بحق الطلبة المعتدين. وأكد أن الوزارة لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق كل من تسول له نفسه المساس بالثوابت والقيم التربوية الأصيلة الكفيلة بتحقيق رؤية الوزارة ورسالتها السامية.

إن إهمال معالجة هذه الظواهر السلبية يفتح الباب أمام انحدار أخلاقي خطير، يُضعف هيبة المدرسة، وينتقص من كرامة المعلم، ويزرع الفوضى في نفوس الطلاب. لذلك، يجب أن يتكاتف الجميع، بدءًا من الأسرة مرورًا بالمدرسة وصولًا إلى المجتمع ككل، لإعادة الاعتبار للمعلم وترسيخ قيم الاحترام والانضباط بين الطلاب. لأن المعلم هو ركيزة بناء الأجيال وصانع مستقبل الأمة، ولا يمكن لنا أن نسمح بتهميش دوره أو الانتقاص من قدره.

علينا أن نعي أن هيبة المعلم ليست مسألة شخصية، بل هي ركيزة أساسية لبناء مجتمع قوي ومتماسك، يرتكز على القيم النبيلة والأخلاق السامية. فبصلاح التعليم يصلح المجتمع، وباحترام المعلم نضمن مستقبلًا مشرقًا لأجيالنا القادمة. ومن هنا، نطالب بفرض عقوبات رادعة وصارمة على كل من تسول له نفسه التعدي على المعلمين أو انتهاك حرمة العملية التعليمية، لضمان بيئة تعليمية آمنة ومحترمة.

Share This Article