صراحة نيوز – غالبًا ما يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة التفكير العميق والتحليل الشامل لتخيّل النتائج المحتملة لمختلف السيناريوهات. في سعيهم لفهم آلية عمل الدماغ أثناء هذه “المحاكاة العقلية”، قام العلماء بتطوير نموذج حاسوبي يحاكي هذه العمليات.
دراسة حديثة نُشرت في مجلة “نيتشر نيروساينس” كشفت أن التفاعل بين قشرة الفص الجبهي ومنطقة الحُصين (قرن آمون) يلعب دورًا حاسمًا في تخيّل النتائج المستقبلية والمساهمة في اتخاذ القرارات. يوضح الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بجامعة نيويورك، والباحث المشارك في الدراسة، مارسيلو ماتار، أن قشرة الفص الجبهي تعمل كجهاز محاكاة، حيث تختبر عقليًا الإجراءات المحتملة باستخدام خريطة معرفية مخزنة في الحُصين، الذي يحتوي على ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد.
البحث يسلّط الضوء على الآليات العصبية والإدراكية لعملية التخطيط، وهي عملية يتميز بها البشر والحيوانات بدرجات متفاوتة. يمكن لفهم هذه الوظائف الدماغية أن يساهم في تحسين علاجات الاضطرابات التي تؤثر في عملية اتخاذ القرارات السليمة.
لتوضيح هذه الآليات، قام ماتار وزميلاه، كريستوفر جينسن من جامعة لندن وجيوم هينكوين من جامعة كامبريدج، بتطوير نموذج حاسوبي يتنبأ بنشاط الدماغ أثناء التخطيط والتفكير. جمعوا بيانات من متطوعين وفئران للتحقق من صحة نموذج الشبكة العصبية المتكررة، وهو نظام برمجي يتعلم الأنماط من المعلومات الواردة.
استند النموذج إلى معطيات حالية وأضاف تعقيدات جديدة مثل “الأفعال المتخيّلة”، مما يتيح للنموذج محاكاة أفعال لم تحدث بعد كجزء من عملية اتخاذ القرار، ما يجعله أكثر واقعية وقربًا من كيفية اتخاذ البشر قراراتهم. صحة النموذج أثبتت من خلال مقارنة البيانات السلوكية والعصبية بين البشر والفئران، حيث أجروا تجارب تنقل عبر متاهات على الإنترنت وأخرى واقعية مصغّرة، مما أظهر تشابهًا كبيرًا في النتائج.
يؤكد ماتار أن هذا البحث يوفر فهمًا أعمق للخطوات المعقدة التي يقوم بها الدماغ أثناء التفكير لاتخاذ القرارات الأفضل وفقًا لاستنتاجات تخيلية، ويفتح أفقًا جديدًا لعلاج المشكلات المتعلقة باتخاذ القرارات الصحيحة.