صراحة نيوز ـ حاتم قرعان
تشكل الانتخابات النزيهة والشفافة حجر الزاوية في أي نظام ديمقراطي يسعى لتحقيق إرادة الشعب. في الأردن، تُعتبر الهيئة المستقلة للانتخابات الجهة المسؤولة عن ضمان نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها. ومع ذلك، تثار تساؤلات عديدة حول مدى قدرة الهيئة على إجراء انتخابات تحقق رغبة الشعب بشكل فعلي.
أحد أبرز الانتقادات التي تواجه الهيئة المستقلة للانتخابات هو ضعف الرقابة والشفافية في العملية الانتخابية. رغم الجهود المبذولة لتحسين الإجراءات وتنظيم الانتخابات، إلا أن هناك تقارير مستمرة تشير إلى وجود تجاوزات ومخالفات تؤثر على نزاهة الانتخابات. من أهم هذه المشاكل هو عدم كفاية التدابير لمنع التزوير والتلاعب بالأصوات، مما يثير شكوكًا كبيرة حول نتائج الانتخابات ومدى تمثيلها الفعلي لرغبة الناخبين.
تعاني الهيئة المستقلة للانتخابات أيضًا من التدخلات السياسية التي تعرقل قدرتها على أداء مهامها بشكل مستقل وموضوعي. في كثير من الأحيان، يتم ممارسة ضغوط من قبل جهات سياسية مختلفة للتأثير على سير العملية الانتخابية ونتائجها. هذه التدخلات تقوض الثقة في الهيئة وتشكك في نزاهتها واستقلاليتها.
ضعف الوعي والتثقيف الانتخابي يعد من العوامل التي تؤثر سلبًا على فعالية الهيئة في تحقيق انتخابات نزيهة. العديد من المواطنين يفتقرون إلى الفهم الكامل لحقوقهم وواجباتهم الانتخابية، بالإضافة إلى عدم معرفتهم بالإجراءات الانتخابية وكيفية التحقق من نزاهتها. هذا النقص في التوعية يعزز فرص التلاعب واستغلال عدم معرفة الناخبين لتحقيق مصالح ضيقة.
تواجه الهيئة المستقلة للانتخابات تحديات تقنية وإدارية تؤثر على قدرتها على إدارة العملية الانتخابية بكفاءة. من بين هذه التحديات نقص الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ جميع المهام بشكل مثالي، إضافة إلى عدم تحديث السجلات الانتخابية بشكل دوري لضمان دقتها وشموليتها. هذه العوائق تؤدي إلى مشكلات في التنظيم والإشراف على العملية الانتخابية، مما يؤثر على مصداقية النتائج النهائية.
أدت جميع هذه العوامل إلى فقدان الثقة بين المواطنين في الهيئة المستقلة للانتخابات وقدرتها على إجراء انتخابات تعكس إرادتهم الحقيقية. هذا الفقدان للثقة يتجلى في تدني نسب المشاركة في الانتخابات وزيادة نسبة المقاطعة من قبل الناخبين الذين يشعرون بأن أصواتهم لن تُحدث فرقًا حقيقيًا بسبب التلاعب والتجاوزات.
بناءً على ذلك، تتعالى الأصوات المطالبة بإعادة الدور إلى وزارة الداخلية التي كانت تُعرف بحرصها وواقعيتها في إدارة العملية الانتخابية. كانت الوزارة تتمتع بخبرة واسعة في تنظيم الانتخابات، وضمان الرقابة الصارمة والشفافية المطلوبة. إعادة المسؤولية إلى وزارة الداخلية قد تكون خطوة نحو استعادة الثقة وتحقيق نزاهة الانتخابات بما يتماشى مع رغبة الشعب.
وفي سياق آخر، تتواجه الأحزاب السياسية في الأردن انتقادات حادة بسبب تشتتها وعدم قدرتها على التعاون لتحقيق الإصلاحات التي ينادي بها الملك عبدالله الثاني. في أحد الأحياء القديمة في العاصمة الأردنية، جلس المواطنون في مقهى شعبي يتناقشون حول الحالة السياسية في البلاد، وكيفية تحقيق الإصلاحات. كانوا جميعًا متفقين على أن الأحزاب تعمل لمصالحها الشخصية فقط، بدلاً من العمل لمصلحة البلد والشعب.
هذا التشتت بين الأحزاب يقوض الثقة في النظام السياسي ويزيد من إحباط المواطنين، الذين يشعرون بأن مشاركتهم السياسية لن تؤدي إلى التغيير الحقيقي. الانتخابات البرلمانية المقبلة تواجه تحديات كبيرة بسبب هذا التشتت، وبدون تعاون وتنسيق بين الأحزاب، من الصعب تحقيق الإصلاحات المطلوبة.
لتحقيق نزاهة الانتخابات واستعادة ثقة المواطنين، هناك حاجة ملحة لإجراء إصلاحات جذرية في عمل الهيئة المستقلة للانتخابات، أو العودة إلى نظام يتضمن دورًا أكبر لوزارة الداخلية. يجب تعزيز الرقابة المستقلة وضمان الشفافية في جميع مراحل العملية الانتخابية. كما ينبغي تطبيق عقوبات صارمة على كل من يثبت تورطه في التزوير أو التلاعب بالانتخابات. إضافة إلى ذلك، يجب العمل على زيادة الوعي والتثقيف الانتخابي بين المواطنين لضمان مشاركتهم الفعالة والمستنيرة في العملية الانتخابية.
في النهاية، الانتخابات الحرة والنزيهة هي الضمانة الأساسية لتحقيق الديمقراطية الحقيقية وإرادة الشعب. لذلك، فإن إصلاح وتعزيز دور الجهات المسؤولة عن الانتخابات في الأردن يعد خطوة حاسمة نحو تحقيق هذه الأهداف وضمان تمثيل عادل وشفاف لرغبات المواطنين.
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثّاني بن الحسين وولي عهده الأمين.