مشروع وطني حزبي … قيس زيادين مثالًا

6 د للقراءة
6 د للقراءة
مشروع وطني حزبي ... قيس زيادين مثالًا

صراحة نيوز – د. مصطفى التل

أفرزت الإصلاحات السياسية في الأردن مجموعة أحزاب تتنوع بانتمائها الفكري بين اليسار واليمين , وبينها الوان وسطية …

جميعها تحمل شعارات (حرية , مساواة , عدالة , دولة القانون ..الخ ) , وبما أن مفهوم المواطنة مبنية على الحقوق والواجبات , أساسها دولة المؤسسات القانونية , كان من أهداف الأشخاص المنتمين لهذه الأحزاب , اصلاح التيار السياسي في الأردن , لكن المماحكات السياسية والحزبية داخل الأحزاب نفسها , والبحث عن الحواضن الحزبية والشعبية , قادت الى أشبه ما يكون عسكرة الحزب الواحد , وساهمت في ابعاد أو تقريب أشخاص ممن هم أصحاب الفكر , ويحملون في جنبات أنفسهم مشروع وطني عارم .

صحيح أن الفترة التي شهدت ما تسمى ( التحديثات السياسية ) شهدت ولادة أحزاب تكونت بطريقة غريبة وسرعة مشكوك فيها , بدون برامج جامعة ولا أفكار مجتمعة على فكر واضح , الا انه هناك أشخاصا يمثلون الفكر الحزبي منذ نعومة أظفارهم , و نشؤوا في بيئة حزبية فكرية متحركة , مرّت بمختلف الظروف الضاغطة والمزدهرة في آن واحد , جعلهم يحملون حلماً وطنيا عارماً اسمه مشروع وطني متكامل الأطراف , وأزعم أن ( قيس زيادين أحدهم ) .

 

نعم أدرك أن ( قيس زيادين ) من اليسار نهجاً وتحركاً وفكراً , وهو من المسيحيين الأردنيين علاوة على يساريته الفكرية والحركية , وانا لست حزبيا , إلا أنني اعتبر نفسي من المؤمنين بالمشروع الإسلامي الشمولي ( السياسي والاقتصادي والاجتماعي ) , إلا أنني وجدت فيه ذلك الشاب الذي يحمل هماً وطنياً تمثّل بمشروع مكتمل الأركان , برامجي شمولي , يؤمن بسيادة القانون في الدولة ,رغم يساريته .

فلن أنسى موقفه بالدفاع عن المنقبات أمام السفير الفرنسي , رغم ان الأغلب صمت , متمثلا حقهن الكامل في لبس ما يردن , ولا يملك أي كان أن يفرض عليهن أي إرادة خارجة عن حدود ارادتهن …نعم انه اليساري ( قيس زيادين ) …..

معرفتي به يجعلني أزعم انه يمثل ذلك التحدي الأكبر الآن , وهو تقديم أطروحات ما بعد صراع صناديق الانتخابات , بحيث انه يمثل ذلك المشروع القائم على الدعوة للتعامل مع جذور وتداعيات المشهد السياسي الوطني الأردني , من حيث تعقيدات المشهد ومآلاته , من خلال التفكير العميق في القادم , على نحو كيف يرسم مستقبل هذا الوطن العزيز ويحافظ عليه ككيان مستقل تحت سيادة القانون مكلوء بمؤسسية محكمة , الأمر الذي يستفيد من منافعه السواد الأعظم من المواطنين .

لا شك أن فشل الأحزاب السياسية سيكون كارثياً ان تحقق , فالذين يتصدرون للإدارة لأي حزب في هذه الفترة , ان لم يحسنوا اختيار منتسبي الحزب حسب شروط موضوعية , وصارمة , ومنهم أولئك الذين يُرجى ترشحهم , فإن النتائج ستكون كارثية , على مستوى الحزب نفسه وعلى مستوى المشهد العام للوطن .

فالفشل سيكون معطّل لمسيرة الحزب ومؤسساته , عوضاً عن السماح للاختراق الحزبي لأي طامع , بشكل يؤدي الى جعل الحزب مجرد قنطرة عبور لمطامعه في هذا الوطن .

ولهذا , لا بد من تضافر الجهود لأهل الرأي والمشورة والحكماء في الحزب الواحد , في جهد جمعي واسع الأفق وبإرادة حزبية وطنية مخلصة , للمساهمة في تشكيل مشهد حزبي سياسي استراتيجي للوطن برمته , بما يجنّب الوطن الانزلاق لا سمح الله لهاوية الفشل في التجربة الحزبية , وفي النهاية انهيار المشروع برمته .

زيادين أزعم انه يمثل ذلك المشروع الحزبي الوطني الذي يكون فيه تلك الأولويات التي تدعو الى ترتيب البيت الحزبي الذي نربأ به عن الاختطاف من قبل فئات فاقدة للأهلية والبوصلة الوطنية , وهذا يتطلب بدوره قيام طليعة تُنذر نفسها للتصدي لمهام التخطيط الاستراتيجي المتقدم والتبصّر الخالي من الغرض والاستقطاب الحزبي الخالي من أي اهداف مثل المؤهلات والمشروع الوطني , واتخاذ المصلحة الوطنية العامة دليلاً وهادياً في أي عملية تقليب للآراء والخيارات والخطط المستقبلية و لإرساء أسس الحزبية المؤسسية الديمقراطية السليمة . وتكون هذه الطليعة جامعة لكل أطياف الحزب الواحد وقطاعاته المختلفة وفئاته , تطرح افكارها ومقترحاتها بعيداً عن الشخصنة والشللية الضيقة التي أوردت التجارب السابقة موارد الفشل وحكمت عليها بالإعدام .

زيادين يمثل بنظري تلك الأولوية التي تقف امام تلك المحاولات المشبوهة لإعادة انتاج نفس الفئات والشخصيات التي صنعت الفشل وانتزعت الهزيمة للتجربة قبل أن تولد، من فك الانتصار للتجربة الحزبية, ومواجهتها بتحرك وطني جاد من الحزبيين المخلصين من غير المتورطين بتجارب الفشل المريرة ومن غير الطامعين في المغانم والمصالح الضيقة على حساب التجربة الحزبية الوليدة

تجربة زيادين تمثل وعياً إدراكياً بهذا التحدي الكبير الذي ندعو له وهو قيام تيار وطني حزبي عريض يتصدى لمهام المرحلة الراهنة ويضطلع بواجب رؤية وطنية لبديل وطني حقيقي للفترة القادمة بعيداً عن أي مطامع حزبية ضيقة أو تطلعات سلطوية بعيدا عن أي ارتهان للخارج وقعت فيه قوى الاستقطابات السابقة .

خلاصة نتائجي بمعرفتي بقيس زيادين انها تُمثل الأولوية لطرح رؤية لكيفية بناء تجربة حزبية ديمقراطية تقترب من الشعب الأردني , غير مرتهنة لأي قوى خارجية فكرا ونهجاً, والتي لا تدخر جهدا في مد جسور التعاون بمختلف الأشكال والألوان لأي قوى وطنية مرشحة لان تكون مؤثرة في سبيل رهن مستقبل البلاد لمصالح بعينها .

هذه حدود معرفتي بشخصية تمثل مشروع وطني حزبي , رغم افتراقي عنه فكريا …..

Share This Article