صراحة نيوز | بقلم: آلاء عماد قطيشات
فِي ظل زخم الأحداث الساخنة فِي الشرق الأوسط، يبرز صمت الاحـتـلال الإسرائيليّ فِي أعقاب عَمليات الاغتيال، وخصوصًا اغتيال القائد إسماعيل هنية، كحالة تعبيرية عَن سياسة غامضة ومريبة. هذا الصمت ليس مُجرد تعبير عن التزام دبلوماسي، بل هو تجسيد لإستراتيجية سياسية تهدف إلى تعزيز الهيمنة وتوجيه رسالة تهديد للمجتمع الدوليّ.
الصمت كوسيلة للتبرير والتعتيم:
أصبح صمت الاحـتلال الإسرائيلي حيال قضايا الاغتيالات، بما في ذلك اغتيال إسماعيل هنية، أداةً متقنة للتعتيم والتبرير. في اللحظات التي تتعرض فيها السياسة الإسرائيلية للانتقادات الحادة، خاصةً فِيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، يُختار الصمت كوسيلة لتفادي المراجعة والتقييم الدوليّ. الصمت الإسرائيلي لا يعكس ضعفًا في الموقف، بل هو استراتيجية متعمدة تَهدف إلى التقليل مِن الاهتمام العالمي والضغط على المنظمات الإنسانيّة والحقوقية.
في حالة اغتيال إسماعيل هنية، لم يكن الصمت مُجرد تجاهل لردود الفعل الدولية، بل كان تأكيدًا على سياسة استخفاف واستعــلاء. الاحــتلال، من خلال عدم التعليق بشكل ٍجاد على الحادثة، تعلن صراحةً أنها فوق المساءلة، وأنها تواصل تنفيذ سياساتها دون اكتراث بالنتائج الإنسانية والسياسية.
النفاق السياسي وازدواجية المعايير والإفلات من العقاب:
الصمت الرسمي الإسرائيلي هو تجسيد لأسلوب النفاق السياسي الذي يتبناه النظام. بينما تدعي إسرائيل التزامها بالقانون الدوليّ وحقوق الإنسان، فإن أفعالها تتناقض تمامًا مع هذه الادعاءات. إن سياسة الاغتيالات، التي تنفذها إسرائيل بانتظام، تظهر بوضوح مدى عدم احترامها للمعايير الأخلاقية والإنسانية. الصمت المطبق مِن قبل المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يعزز من حدة هذا النفاق، ويمنح الضوء الأخضر للممارسات العنيفة دون حساب.
في السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة سلسلة مِن عمليات الاغتيال التي نفذها الاحـتلال الإسرائيلي، مستهدفةً قيادات فلسطينية بارزة مثل الشيخ أحمد ياسين، أحمد الجعبري، وعبد العزيز الرنتيسي، ومؤخرًا إسماعيل هنية. كل عملية من هذه العمليات تم تبريرها بأنها جزء مِن الحربِ على الإرهاب، ولكنها في الواقع تُظهر توجهًا متعمدًا لتجاوز القوانين الدولية والإفلات من العقاب.
الصمت كأداة لتبرير العنف وتعميق الأزمة:
إن الصمت الرسمي الإسرائيلي ليس مجرد استجابة لموقف حساس، بل هو أداة فاعلة في تكريس ثقافة العنف وتعميق الأزمة في المنطقة. من خلال تجاهل التبعات الإنسانية والسياسية للاغتيالات، تسهم إسرائيل في تعزيز مناخ من عدم الاستقرار والاضطراب. الصمت هُنا لا يقتصر على نفي المسؤولية، بل يهدف إلى تبرير الأعمال العنيفة والتأكيد على عدم قدرة المجتمع الدولي على محاسبة الفاعلين.
الاحتفاظ بصمتٍ مطبق حيال هذه القضايا يساهم فِي خلق مناخ يسمح باستمرار العمليات العسكرية والانتهاكات، دون وجود أي ضغط حقيقيّ لإيقافها. هذا التوجه يعزز من سياسة الإفلات من العقاب ويقوض جهود السلام والاستقرار في المنطقة.
دعوة للمساءلة والحاجة إلى تحرك دوليّ جاد:
في ظل هذا الصمت المطبق، تبرز الحاجة الملحة إلى تحرك دولي ّجاد. يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفًا حازمًا ويضغط من أجل تحقيق الشفافية والمساءلة. مِن الضروري أن يتم فتح تحقيقات دولية مستقلة في عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل، ومحاسبة المسؤولين عنها وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة، وبناء مستقبل يتمتع بالسلام والاستقرار.
في النهاية، يظل صمت الاحـتلال الإسرائيلي بمثابةِ وصمة عار على جبين السياسة الدوليّة، ويؤكد الحاجة الملحة إلى مواجهة الجرائم بجرأة وحزم. لن يتوقف الانتهاك والتجاوز إلا من خلال تقديم حساب شامل وشفاف، وتأكيد احترام القيم الإنسانية والقانون الدوليّ.