عاجل | مقارنة: جدري القرود وكورونا؟ أيهما أخطر

6 د للقراءة
6 د للقراءة
عاجل | مقارنة: جدري القرود وكورونا؟ أيهما أخطر

صراحة نيوز – في العقد الأخير، واجه العالم تحديات صحية كبيرة مع ظهور وانتشار فيروسات جديدة تهدد الصحّة العامة وتغير مسار الحياة بشكلٍ غير مسبوق. من بين هذه الفيروسات فيروس كورونا (COVID-19) وفيروس جدري القرود (Monkeypox).

ورغم أن كلاً من الفيروسين يسبب قلقًا عالميًا، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بينهما من حيث التأثير والخطورة على المجتمع والعالم. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل مدى خطورة كل من فيروس كورونا وجدري القرود، ونقارن بين تأثيراتهما على الصحة العامة.

ما هو فيروس كورونا؟

فيروس كورونا (COVID-19) هو فيروس جديد من عائلة الفيروسات التاجية (Coronaviridae) التي تشمل أيضًا فيروسات أخرى مثل السارس وميرس. ظهر هذا الفيروس لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في أواخر عام 2019، وانتشر بسرعة هائلة في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى إعلان منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عالمية في يناير 2020. تسبب الفيروس في ملايين الوفيات وأدى إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

ما هو فيروس جدري القرود؟

جدري القرود هو مرض نادر يسببه فيروس ينتمي إلى عائلة فيروسات الجدري (Poxviridae)، وقد تم اكتشافه لأول مرة في عام 1958 في مستعمرات من القرود المستخدمة لأغراض البحث. ينتقل الفيروس من الحيوانات إلى البشر ومن ثم بين البشر عبر الاتصال المباشر أو التعرض لسوائل الجسم المصابة. بينما يعتبر الفيروس أقل انتشارًا مقارنة بكورونا، إلا أنه يثير القلق بسبب قدرته على التسبب في تفشي محدود.

معدل الانتشار:

يعد معدل انتشار فيروس كورونا أعلى بكثير من فيروس جدري القرود. ينتقل كورونا عبر الهواء من خلال الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس أو حتى التحدث، مما يجعل انتشاره سهلًا وسريعًا بين الأفراد في الأماكن المغلقة أو المزدحمة. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تسبب الفيروس في جائحة عالمية لم يشهد العالم مثلها منذ أكثر من قرن.

في المقابل، ينتقل فيروس جدري القرود بشكل أساسي من خلال الاتصال المباشر مع الآفات الجلدية أو سوائل الجسم المصابة، أو عن طريق التعامل مع حيوانات برية مصابة. وهذا يجعل معدل انتشار الفيروس أقل بكثير، حيث إن تفشي المرض غالبًا ما يكون محدودًا جغرافيًا ويمكن السيطرة عليه بشكل أكثر فاعلية.

الأعراض والمضاعفات:

تتنوع أعراض كورونا بين خفيفة وشديدة، وقد تشمل الحمى والسعال وضيق التنفس وفقدان حاستي الشم والتذوق. في الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي الفيروس إلى التهاب رئوي حاد، فشل في الأعضاء المتعددة، وحتى الموت. معدل الوفيات بالنسبة لفيروس كورونا يُقدر بحوالي 1-2%، ولكن هذا الرقم قد يكون أعلى بين الفئات الضعيفة مثل كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.

أما جدري القرود، فيتميز بأعراض تبدأ بالحمى والصداع وآلام العضلات وتورم الغدد الليمفاوية، يليها ظهور طفح جلدي ينتشر من الوجه إلى باقي الجسم. بينما يكون المرض عادةً أقل حدة من الجدري التقليدي، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل الالتهابات الثانوية والعمى في الحالات الشديدة. معدل الوفيات لجدري القرود يتراوح بين 1% إلى 10%، مع وجود أعلى معدلات للوفيات بين الأطفال والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.

التأثير على المجتمع والاقتصاد:

أدى انتشار فيروس كورونا إلى فرض إجراءات إغلاق واسعة النطاق، وتعطيل الأنظمة الصحية، وتأثيرات اقتصادية سلبية في جميع أنحاء العالم. تم إغلاق المدارس، توقفت الرحلات الجوية، وتأثرت سلاسل التوريد العالمية، مما أدى إلى ركود اقتصادي غير مسبوق. بالإضافة إلى ذلك، أثرت الجائحة بشكل كبير على الصحة النفسية للأفراد نتيجة للعزل الاجتماعي والقلق المستمر من الإصابة.

من ناحية أخرى، كانت تأثيرات جدري القرود على المجتمع والاقتصاد أقل بكثير. تفشي المرض كان محدودًا جغرافيًا وتم احتواؤه بشكل أسرع من كورونا. لم تكن هناك حاجة إلى فرض إجراءات إغلاق واسعة أو تعطيل كبير للأنشطة الاقتصادية. ومع ذلك، فإن استمرار تفشي الفيروس يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات على المناطق المتضررة، خاصة إذا لم يتم احتواؤه بشكل فعال.

اللقاحات والعلاج:

تم تطوير لقاحات فعالة ضد فيروس كورونا في فترة زمنية قصيرة بشكل غير مسبوق، وتم توزيعها على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم. هذه اللقاحات ساعدت في تقليل عدد الحالات الشديدة والوفيات بشكل كبير، مما مكن العديد من الدول من السيطرة على الجائحة وإعادة فتح اقتصادياتها.

أما بالنسبة لجدري القرود، فإن لقاح الجدري التقليدي أثبت فعاليته في الوقاية من الفيروس بنسبة تصل إلى 85%. ومع ذلك، فإن الإنتاج والتوزيع المحدودين لهذا اللقاح يجعل من الصعب استخدامه على نطاق واسع مثل لقاحات كورونا. حاليًا، يتم التركيز على استراتيجيات الوقاية التقليدية مثل التوعية الصحية وتعزيز قدرات الرصد والاستجابة.

في حين أن كلاً من فيروس كورونا وجدري القرود يشكلان تهديدًا للصحة العامة، إلا أن كورونا يظهر كخطر أكبر على المجتمع والعالم نظرًا لسرعة انتشاره وتأثيراته الواسعة على الصحة العامة والاقتصاد العالمي. ومع ذلك، يجب عدم التقليل من خطورة جدري القرود، خاصة في المناطق التي تشهد تفشيًا للمرض. الوقاية والتوعية المستمرة هما السبيلان الأهم لمواجهة هذه الفيروسات والحد من تأثيراتها على المجتمع.

المصادر:

1. منظمة الصحة العالمية (WHO) – معلومات عن فيروس كورونا: https://www.who.int/health-topics/coronavirus

2. مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) – جدري القرود: https://www.cdc.gov/poxvirus/monkeypox/index.html

3. المجلة الطبية البريطانية (BMJ) – مقارنة بين جدري القرود وكورونا: https://www.bmj.com/content/377/bmj.o1487

Share This Article