إتفاقيات السلام والتطبيع إتفاقيات لكسب الوقت

5 د للقراءة
5 د للقراءة
إتفاقيات السلام والتطبيع إتفاقيات لكسب الوقت

صراحة نيوز- بقلم/ حاتم الكسواني

منذ سيطرة الكيان الصهيوني على أراضي فلسطين عام 48 وحتى يومنا هذا ، إستخدم الكيان قرارات الأمم المتحدة ” التقسيم و الهدن ومن ثم اتفاقيات السلام وتاليا اتفاقيات التطبيع ” كقرارات واتفاقيات مؤقتة ومرحلية في طريق تنفيذه لأهدافه الاستراتيجية في السيطرة على الأرض العربية خطوة خطوة ، وقضمها قضمة قضمة ، وذلك بنقضه لهذه الإتفاقيات والعهود بحجج واهية مستغلا أي حدث عارض أو أي حدث تقوم بإفتعاله ، كمهاجمة لبنان عام 1982 وإحتلال جنوبه بعد محاولة اغتيال سفيرها إلى المملكة المتحدة، شلومو أرجوف على يد منظمة أبو نضال ، فأهداف إسرائيل المعلنة وفق الرواية التلمودية التي يكررها نتنياهو وقادته من مختلف الأطياف السياسية والعسكرية اليمينية واليسارية هي إلسيطرة على الأرض العربية من الفرات إلى النيل .

وعمليا فإن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه دفعة واحدة بسبب عدم توفر زخم ديموغرافي وعسكري إسرائيلي قادر على السيطرة على هذه المساحة الشاسعة من الأرض العربية بضربة واحدة فكان لابد من تجزئتها بالمناورة السياسية وعمليات التفكيك المتواصلة والمتتالية للقوى العسكرية العربية. وبإثارة النزعات الطائفية والعقائدية ، واللعب على الخلافات العربية ، و على المديات القصيرة والمتوسطة والطويلة بخطط شيطانية ساعد الجهل والفرقة والتخلف العربي على إنجاحها.

واول ما اخترع في هذا المجال استغلال ما خلفته تقسيمات سايكس بيكو على إنماء الإنكفاء القطري العربي برفع الشعار القطري المقيت الذي تبنته كل الأنظمة السياسية العربية ” … اولا ” بل وثانيا وثالثا بعد الإجهاز على المشروع القومي النهضوي الوحدوي العربي الذي رفع لوائه الأنظمة العربية الراحلة بافكارها واطروحاتها كالحركة الناصرية المصرية صاحبة نظرية الوحدة والمد القومي ، وحركة أحزاب البعث العربي الاشتراكي في بواكير تأسيسها في سوريا والعراق ،وبعض الأنظمة المنعتقة من قبضة الإستعمار الغربي في الجزائر وليبيا … وغيرها .

ولعل إتفاقيات السلام العربية مع العدو الصهيوني وإتفاقية اوسلو بينه وبين منظمة التحرير الفلسطينية وإتفاقيات التطبيع الأخيرة له مع دول الخليج العربي كانت سببا في الإجهاز التام على روح المقاومة الفلسطينية التي مثلتها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن تحولت إلى السلطة الوطنية الفلسطينية ” سلطة التنسيق الامني في رام الله .

ومن الثابت قطعا أن إسرائيل تستخدم هذه الإتفاقيات لأهداف مرحلية ، تقوم خلالها بالتنكر لها لأي سبب من الأسباب الواهية عندما تلوح لها الفرصة المناسبة لفعل ذلك .

ولكن لا تأتي الفرص دائما كما يريد العدو ويشتهي فتدخل عناصر جديدة ومستجدات تعطل منطق العدو ومخططاته فرب العباد يستبدل ، حيث استبدل قوما متخاذلين بقوم مجاهدين

“وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ” فكانت حركة حماس التي قامت بمعركة طوفان الأقصى ” 7اكتوبر الماضي ”

ويبدو ان 7 اكتوبر عصفت بالتوقيت المخطط لتغيير واقع القدس والمسجد الأقصى ، و مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة لمصر والأردن وضمهما لدولة الكيان … ويبدو أيضا ان نتنياهو قد إستعجل تنفيذ المخطط المعد لهذين الهدفين في غير توقيتهما وفق منطق الخطوة خطوة والمرحلة مرحلة . وقد اعطي نتنياهو أكثر من فرصة زمنية لإتمام مشروع احتلال غزة وإبادة شعبها أو تهجيره لكنه فشل في فعل ذلك منذ مايقرب من عام كامل ، ويبدو انه تحت وطاة ارتباكه وضغط صقور حكومته اليمينية المتطرفة قد بدأ أيضا بواكير ومقدمات خطط العسف و التضييق على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية تمهيدا لتهجيره وقتل اكبر عدد من ابنائه في محاولة لتغيير المعادلة الديموغرافية لصالح عدد سكان الكيان الصهيوني المحتل فيما نشهده من احداث ومواجهات بين ابناء الضفة الغربية وجيش الإحتلال في هذه الأيام العصيبة .

ويبدو ان الإدارة الأمريكية الديموقراطية قد ضاقت ذرعا بألاعيب نتنياهو التي تصب ضد تمكينها من الفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية خلال الأشهر القليلة القادمة ، كما ضاقت ذرعا من توالي فشله ، وتوالي اعطائه مزيدا من الوقت وهي تستعجل الزمن لتنفيذ وقف لإطلاق النار حتى تحقق إنجازا يمكنها من إستمالة اصوات الجاليتين العربية والإسلامية الأمريكية لجانبها ، وبعدها وإن حظيت بالفوز في الإنتخابات الرئاسية فستقوم بتقييم الموقف في الأراضي الفلسطينية ، وتعيد تقييم الإتفاقيات الإقليمية مع دول المنطقة التي أرادت التخلص من حماس كقوة وكفكرة للمقاومة المسلحة برسم التحرر الوطني ..

ولا ندري ماسيكون الأمر عليه بعد الإنتخابات الأمريكية .

وبكل الأحوال والحال هذه فإن دول اتفاقيات السلام والتطبيع تخسر إن أمنت للجانب الإسرائيلي والأمريكي فتاريخهم يشي بالتخلي عن الأصدقاء وعدم الوفاء بالعهود والوعود منذ سايكس بيكو ، مرورا بقرار التقسيم وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية التي نائت و تنوء تحت وطأة قرارات الفيتو الأمريكي لصالح العدو الصهيوني ، فلاشيء يحمي المصالح العربية وسلامة الأراضي العربية سوى المواقف الوطنية المستقلة التي تأخذ في الإعتبار الدفاع عن الأمن القطري و القومي العربي

Share This Article