هل يشكّل تمثيل المرأة في الانتخابات رافعة للإصلاح السياسيّ في الأردن؟

5 د للقراءة
5 د للقراءة
هل يشكّل تمثيل المرأة في الانتخابات رافعة للإصلاح السياسيّ في الأردن؟

صراحة نيوز – وكالات – متابعة آلاء قطيشات

تلعب المرأة دورًا حاسمًا في العملية الانتخابية في الأردن، سواء كناخبة أو كمرشحة، لكنها لا تزال تواجه عقبات تعيق وصولها إلى التمكين الكامل في الحياة السياسية. الانتخابات المقبلة تُعد فرصة محورية لإعادة النظر في تمثيل المرأة سياسيًا وتعزيز مشاركتها في المجالس التشريعية والحياة العامة. في ظل التغييرات التي شهدها قانون الأحزاب والانتخاب، يبرز السؤال حول قدرة هذه التشريعات على تعزيز حضور المرأة في الساحة السياسية بطريقة مستدامة وعادلة.

تمثيل المرأة في البرلمان الأردني:

وفقًا للتعديلات الدستورية والجهود الرامية لتعزيز المساواة بين الجنسين، تم تخصيص “الكوتا النسائية” لضمان حصول المرأة على عدد محدد من المقاعد في البرلمان. ورغم أهمية هذه الخطوة، فإن هذه المقاعد غالبًا ما تكون الحد الأدنى المطلوب لتحقيق التمثيل النسائي، مما يدفع للقول إن الإصلاحات تحتاج إلى خطوات إضافية لتعزيز دور المرأة بشكل أكثر تأثيرًا واستدامة.

في الواقع، الكوتا النسائية ليست كافية وحدها لتحقيق المساواة المطلوبة. التمثيل النسائي الكمي لا يعبر دائمًا عن تمكين فعلي، إذ أن النساء بحاجة إلى دعم سياسي واجتماعي يتيح لهن فرصة حقيقية للوصول إلى مناصب قيادية مؤثرة خارج حدود المقاعد المحجوزة لهن. التمكين السياسي الفعلي يتطلب تفعيل دورهن في اتخاذ القرار وفي صياغة السياسات التي تمس مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد.

التحديات التي تواجه المرأة في الانتخابات:

على الرغم من هذه الجهود، لا تزال المرأة الأردنية تواجه تحديات اجتماعية وثقافية تمنعها من الوصول إلى أعلى مستويات القيادة السياسية. الثقافة المجتمعية التقليدية والأدوار الاجتماعية المتوارثة لا تزال تشكل عائقًا أمام المرأة في المشاركة السياسية على قدم المساواة مع الرجال. إلى جانب ذلك، تواجه النساء تحديات مالية ولوجستية، حيث يُعد تمويل الحملات الانتخابية والدعم السياسي العام عوامل مؤثرة تؤدي إلى إقصاء بعض النساء من المنافسة الفعالة على مقاعد غير مخصصة للكوتا.

من بين العقبات الأخرى التي تواجه النساء في الانتخابات هو عدم الثقة في قدرة النساء على القيادة، وهي رؤية نمطية تتطلب جهودًا كبيرة للتغيير، ليس فقط من خلال القوانين، ولكن أيضًا من خلال التوعية المجتمعية وبناء ثقافة داعمة لمشاركة المرأة في اتخاذ القرار.

دور الأحزاب في تمكين المرأة:

مع اعتماد قانون الأحزاب الجديد، يُتوقع أن تلعب الأحزاب دورًا أكبر في تعزيز مشاركة المرأة في العملية السياسية. القانون يشجع على تنظيم الأحزاب وتطوير برامج سياسية تعبر عن مختلف فئات المجتمع، بما في ذلك المرأة. وهنا يأتي دور الأحزاب في تبني قضايا المرأة وإدراجها ضمن أجندتها السياسية، والعمل على تمكين النساء من المشاركة الفاعلة داخل الأحزاب وعلى الساحة السياسية بشكل عام.

إذا نجحت الأحزاب في تقديم مرشحات نساء قادرات على التأثير والتعبير عن القضايا الحقيقية التي تمس المجتمع، فإن ذلك سيكون خطوة كبيرة نحو تحسين التمثيل النسائي في البرلمان. ومع ذلك، فإن تمثيل المرأة لا يمكن أن يتحقق بمجرد الاعتماد على الأحزاب والكوتا، بل يجب أن يصاحب ذلك سياسات عامة تدعم تمكين المرأة في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية.

التوجهات المستقبلية:

في ضوء التغيرات القانونية والاجتماعية التي شهدتها المملكة، يبقى التحدي الأكبر هو تحويل هذه الفرص القانونية إلى واقع ملموس يتمثل في تمثيل نسائي قوي ومستدام في الحياة السياسية. النساء بحاجة إلى دعم مستمر لتعزيز ثقتهم بأنفسهم والمجتمع بحاجة إلى مزيد من التوعية بقدرات المرأة ودورها الأساسي في صياغة مستقبل البلاد.

التوجه نحو تعزيز مشاركة المرأة في الانتخابات يشمل ليس فقط العمل على زيادة عدد المرشحات، بل أيضًا على رفع مستوى الوعي بين الناخبين حول أهمية تمثيل المرأة وحقوقها. المرأة الأردنية اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من التمكين السياسي، ولكن النجاح في تحقيق هذا التمكين يتطلب تكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية، إلى جانب دعم المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، لخلق بيئة سياسية تعزز المساواة والعدالة للجميع.

في النهاية، يمكن القول إن تمثيل المرأة في الانتخابات الأردنية يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الإصلاح السياسي، ولكنه لا يزال يواجه تحديات جوهرية تحتاج إلى معالجة. من الضروري مواصلة الجهود لخلق بيئة داعمة لتمكين المرأة سياسيًا، والتأكد من أن التمثيل النسائي لا يقتصر فقط على “الكوتا”، بل يعبر عن تمكين حقيقي ومستدام في مراكز صنع القرار.

Share This Article