صراحة نيوز ـ تشهد هجرة الأطباء الأردنيين للخارج ارتفاعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وتلعب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن الذي يتوسّط إقليما ملتهبا، دورا رئيسا بهجرة الأطباء إلى جانب البطالة، وذلك وفق ما نشرته صحيفة الغد.
وقال نقيب الأطباء د.زياد الزعبي، إن مشكلة بطالة الأطباء بدأت منذ سنوات عدة، وهي تزداد عاما بعد آخر وسوف تصبح مشكلة كبرى في الأعوام المقبلة.
وأكد الزعبي في تصريحات لـ”الغد” أن مجموع الأطباء الذين انتسبوا لنقابة الأطباء في 70 عاما منذ تأسيسها عام 1954، يبلغ نحو 45 ألف طبيب وطبيبة بما فيهم من توفّي أو هاجر أو يعمل في الخارج أو ترك العمل الطبي.
ولفت إلى أن مجموع الأطباء الذين يعملون حاليا في القطاعين العام والخاص يصل إلى نحو 30 ألف طبيب.
وقال إنه “كما صرحت وزارة التعليم العالي بأن هناك ما يقرب من 22 ألف طالب يدرسون الطب في كليات الطب الأردنية، وأيضا مثل هذا العدد يدرسون خارج المملكة، فعلينا أن نتخيل انه في السنوات الخمس القادمة. سيصل لنا ما لا يقل عن 40 ألف طبيب، وهو ما يعادل أكثر من مجموع الاطباء العاملين في الأردن حاليا”.
وتساءل الزعبي “كيف نواجه هذه المشكلة؟”، مجيبا أن هناك 3 مراحل للحلّ وهي مرحلة أولية ومن ثم مرحلة متوسطة وأخيرا مرحلة طويلة الأمد.
أما بالنسبة للمرحلة الأولية، فأكد نقيب الأطباء أنه يتم فيها تحديد قبولات كليات الطب للأردنيين، وفتح المجال وتسويق الكليات لطالبي العلم والطب تحديدا من دول أخرى سواء كانت خليجية أم عربية أم إفريقية.
وتابع الزعبي إن هذا الأمر لن يشكل عبئا على الجامعات وميزانياتها، ولكن بالنسبة للأردنيين لا بد من تقليل الأعداد التي تُقبل في كلية الطب.
وأضاف: “يصاحب هذا الأمر إذا كان هناك برامج للتغطية الصحية الشاملة ودعم القطاع العام، فلا بد من زيادة ميزانية وزارة الصحة والخدمات الطبية لتعيين مزيد من الأطباء، بخاصة وأن المرضى يعانون من طول المواعيد في المستشفيات”.
وشدد على أهمية زيادة عدد المقبولين في برامج الإقامة، لافتا إلى أن تعيين ما بين 800 إلى 1000 طبيب سنويا في وزارة الصحة والخدمات الطبية والمستشفيات الخاصة، غير كافٍ ولا يشكل أكثر من 25 % من خريجي كليات الطب داخليا وخارجيا.
وحول المرحلة المتوسطة، أكد الزعبي أنها تتمثل بفتح باب الهجرة للأطباء للتخصص أولا وللعمل ثانيا.
ولفت الزعبي إلى أن هناك دولا بحاجة للأطباء، على غرار ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، لكن هناك شروط لا بد من أن تؤخذ بالاعتبار وهي اتقان لغات هذه الدول.
وقال “النقابة قامت بالتواصل مع وكالة العمل الألمانية التي رحبت بذلك لكنها اشترطت أن يكون الطبيب مسجلا في نقابة الأطباء، بالإضافة إلى اتقان اللغة الألمانية بدرجة B2″، ناصحا طلاب الطب بتعلم اللغة الألمانية.
وفيما يخص المرحلة طويلة الأمد، أكد الزعبي أنه يجب على الحكومة وبالذات وزارة التعليم العالي، رفع معدل القبول للطلاب الذين يذهبون للدراسة بالخارج، بحيث يجب لا يقل عن 90 %.
ويعاني الأطباء من ظروف عمل مرهقة، في حين يجدون أنفسهم يعملون لساعات طويلة، مع دوامات متعددة وأجور غير كافية، الأمر الذي يدفع البعض للبحث عن فرص أفضل في الخارج، وفق عضو مجلس النقابة د. مظفر الجلامدة.
وقال الجلامدة في تصريحات لـ”الغد”، إن خيار الهجرة أصبح هو المتاح وهو الخيار الأنسب لأعداد كبيرة من الأطباء لن تحصل على مرادها داخل المملكة.
وأكد أن البطالة تعتبر أحد الأسباب الرئيسة للهجرة، يُضاف اليها عدة أسباب أخرى من أهمها ان الكثير من برامج الإقامة باتت غير مدفوعة الأجر في بعض المؤسسات الصحية ومنها بعض المستشفيات في القطاع الخاص، وحتى برامج الإقامة مدفوعة الأجر تكون بقيم لا تتناسب مع الجهد الذي يبذله الاطباء من تعب ومناوبات ومسؤولية سواء كانت بمقابل أجر ضعيف او بدون، بما يسمى بنظام “غير مدفوع الأجر”.
وقال إن هناك مؤسسات طبية تجاوزت ذلك وأجبرت الطبيب للدفع من جيبه زيادة عمّا يقدمه من خدمات ومن جهود كبيرة كي يحصل على مكان لإقامته.
وقال الجلامدة “أعلن المجلس الطبي البريطاني قبل سنوات عن ارتفاع كبير في أعداد الأطباء الأردنيين المهاجرين إلى بريطانيا، لتصل النسبة إلى 470 % بين أعوام 2017 و2021”.
وأكد أن الأطباء الأردنيين احتلوا في ذاك الوقت المرتبة الرابعة عالميا والأولى عربيا لعدد الأطباء المهاجرين إلى بريطانيا، بعد أطباء كندا والهند وباكستان.
وقال الجلامدة “نعتقد اليوم ان الزيادة أكبر من ذلك بكثير في السنوات الأخيرة، وخصوصا بعد تسهيل الكثير من إجراءات الهجرة وقوانينها كان آخرها الحصول على التأشيرة البريطانية التي أوقفت مؤخرا”.
ولفت إلى أن الإقبال على الطبيب الأردني، لم يأت إلا بعد سنوات طويلة من بناء السمعة للطب في المملكة مما جعل الطلب على الطبيب الأردني وعلى الاختصاص في الأردن كبيرا ومتزايدا خصوصا من دول الخليج.
وشدد الجلامدة على أن الاردن معني اليوم بالاستثمار بالأطباء وايجاد فرص عمل لهم داخل المملكة والعمل على تسويق الطبيب بصورة مميزة وايجاد الحلول لمشكلة البطالة.
ولفت إلى أن الحلول الأخيرة التي اتخذتها وزارة التعليم العالي بتقليص أعداد المقبولين لن تحل المشكلة، بخاصة بعد منح تراخيص جديدة لكليات طب خاصة، ليتوجه الأردنيون للدراسة فيها بالاضافة للأعداد الكبيرة التي لا زالت تقصد دراسة الطب خارج المملكة.
وقال الجلامدة إن الأردن يمتلك كفاءات عدة تكفيه وتزيد عن حاجته، إلا أنه بحاجة الى تمكين القطاعات الصحية بعدد مميز من الأطباء ومنحهم حقوقهم سواء كانت مالية أو إدارية تسمح لهم بالاستمرار في العمل وعدم التفكير بالهجرة.
ويعاني الأردن من تحديات اقتصادية، والأطباء ليسوا استثناءً، حيث الأجور المنخفضة وارتفاع تكاليف المعيشة الأمر التي تشكل دافعا للهجرة.
وقال الجلامدة إن الأطباء يبحثون عن فرص لتطوير مهاراتهم وتخصصاتهم، فيما يسعى البعض الآخر للحصول على تدريب متقدم أو العمل في مجالات طبية محددة، وهذا يدفعهم للهجرة إلى دول تقدم هذه الفرص.