صراحة نيوز ـ وكالات ـ متابعة ملك سويدان
كيف تحولت العلاقة بين إسرائيل وإيران على مدار عشرات السنين من تحالف قوي إلى عداء علني يشمل شن هجمات مباشرة ؟
إيران كانت تدعم إسرائيل بالنفط بينما كانت إسرائيل تساعد إيران في عدة مجالات اقتصادية ، بل وصل الأمر إلى التعاون الثقافي، إذ زار إسرائيل مثقفون إيرانيون، مثل الكاتب البارز جلال آل أحمد الذي كانت كتاباته مثار إعجاب الكثير من المثقفين الإيرانيين سواء كانوا إسلاميين أو علمانيين.
لكن الجانب الأهم استراتيجياً في التعاون بين إسرائيل وإيران كان في المجالات العسكرية والاستخباراتية، خاصة مع تصاعد شعبية الخطاب القومي العربي للرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي اعتبرته إيران وإسرائيل عدواً مشتركاً
وشهدت السبعينيات حوادث عكرت صفو العلاقات بين إيران وإسرائيل لكن من دون أن تؤثر على التعاون بينهما ،إذ حاولت إيران أن تمسك العصا من المنتصف خلال حرب أكتوبر/تشرين أول 1973 فقدمت النفط إلى مصر والأسلحة إلى إسرائيل.
كذلك جاء إبرام اتفاق إيران مع العراق عام 1975، في الجزائر، ليثير امتعاضاً إسرائيلياً، إذ تضمن وقف الدعم الإيراني للمسلحين الأكراد الذي كانت إسرائيل تعتبرهم حلفاء لها ، كما صوتت إيران لصالح القرار الصادر عام 1975 من قبل الأمم المتحدة باعتبار الصهيونية سياسة عنصرية، وهو القرار الذي عادت المؤسسة الأممية وألغته عام 1991.
لكن هذه الأحداث لم تحل دون تواصل التعاون بين إسرائيل وإيران خاصة في المجالات العسكرية إذ قدمت إسرائيل المساعدة لإيران في تدشين الأخيرة برنامجها الصاروخي ، وهكذا بدا في النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين أن إسرائيل بدأت في كسر عزلتها الإقليمية، إذ كانت بصدد إبرام معاهدة سلام مع مصر في وقت تزايد التعاون مع نظام الشاه الذي كان يُنظر إليه على أنه الحاكم الأقوى في المنطقة.
كان الموقف الرسمي لإيران معارضاً لإنشاء دولة إسرائيل، إذ صوتت طهران في عام 1947 ضد قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية ، كذلك أعلنت إيران عن تأييدها للدول العربية في حرب 1948 لكن من دون أن تشارك في الصراع المسلح ، كما عارضت إيران في عام 1949 انضمام إسرائيل إلى الأمم المتحدة.
لكن الموقف الإيراني من إسرائيل سرعان ما بدأ في التغير، في ظل تبني الشاه محمد رضا بهلوي سياسات خارجية، وداخلية في بعض الأحيان، تميل إلى مواقف الغرب خاصة الولايات المتحدة التي كانت من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل.
ماذا تعرف عن النووي في اسرائيل و ايران ؟
إسرائيل تمتلك أسلحة نووية منذ أواخر ستينيات القرن الماضي، على الرغم من أنها لم تعترف رسمياً بوجودها مطلقاً. ومنذ ذلك الحين، ظلت إيران تحاول اللحاق بالركب، على الرغم من إصرارها دائماً على أن برنامجها “مخصص لأغراض مدنية”.
ظهر البرنامج النووي الإيراني لأول مرة في أوائل الألفية، عندما كشفت عدة جماعات إيرانية منشقة عن وجود موقع لتخصيب اليورانيوم، ومنشأة لإنتاج الماء الثقيل. وفي حين يمكن استخدام كليهما لتوليد الطاقة، إلا أنه يمكن أيضاً إعادة استخدامهما لصنع اليورانيوم والبلوتونيوم من الفئة المستخدمة في صنع الأسلحة، ما أثار شكوكاً في أن إيران كانت تحاول صنع قنبلة نووية.
وزادت الشكوك عندما أعلنت الإدارة الأميركية اكتشاف منشأة سرية ثانية تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم.
وفي مؤشر واضح على ما تعتبره إسرائيل “تهديداً وجودياً”، نفذ عملاء يشتبه أنهم تابعون لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد”، سلسلة هجمات على علماء نوويين داخل إيران في أوائل عام 2010. وفي غضون عامين فقط، اغتيل خمسة علماء فيزياء بارزين بالرصاص، أو لقوا حتفهم في تفجيرات سيارات مفخخة.
وأشارت تقارير إلى أن إسرائيل طوّرت أيضاً فيروس حاسوب متقدم، تمكن من إتلاف أجهزة الطرد المركزي في إحدى منشآت التخصيب الإيرانية. ورداً على ذلك، استهدفت إيران عدة سفارات إسرائيلية في الخارج بسيارات مفخخة.
العلاقات بين إيران وإسرائيل ومحاولة كل منهما تعزيز موقفها الاستراتيجي في مواجهة الأخرى خلق نوعاً من توازن الرعب غير المستقر، إذ يتم ردع إيران بسبب قدرات إسرائيل الاستراتيجية من حيث قواتها الجوية الهائلة ونظام دفاعها الجوي متعدد الطبقات المضاد للصواريخ والغواصات المسلحة نووياً، في حين أن إسرائيل تدرك بشكل مؤلم أن كلفة بشرية ومادية ضخمة تكلفتها مجموعة صواريخ طهران، خصوصاً من ترسانة “حزب الله” التي تقدر بـ 150000 صاروخ. وبينما حال توازن الرعب هذا، حتى الآن، دون اندلاع حريق مباشر شامل بين الدولتين، لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال كلياً إذا ما فشل التوصل إلى إحياء الاتفاق النووي الذي تجري مباحثاته بين إيران وإدارة جو بايدن. وحتى إتمام الاتفاق، لا يستبعد التصعيد بينهما، لا سيما في ظل تنامي تهديد الطائرات المسيّرة ووصولها إلى يد ميليشيات تابعة لإيران، مما يعني استمرار حرب الظل بين الطرفين، حتى في حال إحياء الاتفاق الذي تعتبره إسرائيل غير مجد وغير كاف لردع إيران.