صراحة نيوز – كتب: يوسف الفقهاء
في الساعات الأولى من يوم 7 أكتوبر 2024، انطلقت عملية عسكرية مفاجئة من قطاع غزة أطلق عليها اسم “طوفان الأقصى”، لتشكل واحدة من أبرز المحطات في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ عقود. العملية التي قادتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، جاءت في وقت لم يكن متوقعًا فيه أي تصعيد بهذا الحجم، مما أدى إلى زلزال سياسي وعسكري في المنطقة وأثار اهتمامًا عالميًا واسعًا.
بداية غير متوقعة:
في تمام السادسة والنصف صباحًا، بدأت صافرات الإنذار تدوي في مختلف المدن الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة. مئات الصواريخ أُطلقت بشكل مكثف باتجاه العمق الإسرائيلي، بالتزامن مع تسلل مجموعات مسلحة إلى مناطق عديدة. مشاهد غير مسبوقة انتشرت في وسائل الإعلام العالمية تُظهر عناصر فلسطينية مسلحة داخل المدن الإسرائيلية، في خطوة كسرت حالة الجمود العسكري الذي سيطر على الصراع لسنوات.
الهجوم الذي وُصف بأنه “الأكثر تعقيدًا” منذ بدء الحصار على غزة في 2007، جاء بعد فترة من التوترات المتزايدة في المسجد الأقصى، وتصاعد الاعتداءات على المصلين، واستفزازات المستوطنين، وهو ما جعل من “الأقصى” محورًا حساسًا في المعركة.
ردود الفعل الدولية: قلق وترقب
ساعات قليلة مرت حتى بدأت ردود الفعل الدولية تتوالى. دول عديدة أعربت عن قلقها البالغ إزاء التصعيد المفاجئ، داعيةً الطرفين إلى ضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات. الولايات المتحدة أعلنت دعمها الكامل لإسرائيل وأكدت استعدادها لتقديم الدعم العسكري إذا دعت الحاجة، بينما شددت بعض الدول الأوروبية على ضرورة حماية المدنيين وإيجاد حل سياسي عاجل.
على الجانب الآخر، أكدت دول عربية وإسلامية دعمها للشعب الفلسطيني وحقه في مقاومة الاحتلال. بيانات رسمية صدرت عن دول مثل إيران وتركيا، حيث اعتبرت العملية ردًا مشروعًا على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين، وخاصة في القدس.
التداعيات على الميدان: معادلة جديدة للصراع
العملية المفاجئة قلبت التوقعات العسكرية رأسًا على عقب. إسرائيل، التي طالما اعتمدت على تفوقها العسكري والاستخباراتي، وجدت نفسها أمام تحدٍ غير مسبوق. توغل القوات الفلسطينية في مناطق إسرائيلية، والأسر الكبير لعدد من الجنود والمدنيين الإسرائيليين، وضع القيادة الإسرائيلية في موقف حرج، وأثار تساؤلات حول جاهزية الجيش الإسرائيلي لمثل هذا النوع من الهجمات.
بالإضافة إلى ذلك، جاءت العملية في وقت شهد فيه الداخل الإسرائيلي حالة من الانقسام السياسي الكبير، خاصة بعد سلسلة من الاحتجاجات ضد حكومة بنيامين نتنياهو بسبب الإصلاحات القضائية التي اعتبرها البعض تهديدًا للديمقراطية الإسرائيلية. هذا الانقسام الداخلي أضعف من موقف القيادة السياسية والعسكرية في التعامل مع التصعيد.
مستقبل الصراع: إلى أين يتجه الوضع؟
مع استمرار المواجهات وتصاعد القصف المتبادل بين غزة وإسرائيل، يبقى السؤال الأهم: ما هو مستقبل الصراع؟ هل سنشهد نهاية للتصعيد في الأسابيع المقبلة، أم أن “طوفان الأقصى” سيشكل بداية لمرحلة جديدة من الصراع الممتد؟
من جهة، قد تؤدي العملية إلى إعادة النظر في طريقة تعامل إسرائيل مع المقاومة الفلسطينية، وربما نشهد تغيرات في التكتيكات العسكرية والسياسية المستخدمة. من جهة أخرى، قد تكون هذه العملية نقطة تحول في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تعيد التركيز على القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، بعد أن تراجعت إلى حد ما في السنوات الأخيرة.
في كل الأحوال، لا يمكن إنكار أن “ساعات طوفان الأقصى” قد فتحت فصلًا جديدًا في تاريخ هذا الصراع الطويل. فهل ستكون هذه العملية الشرارة التي تؤدي إلى تغيير جذري في مسار الصراع، أم أنها ستكون مجرد فصل آخر من فصول العنف والتوتر في المنطقة؟ الأيام والأسابيع القادمة ستكشف المزيد عن تداعيات هذه اللحظة الحرجة في تاريخ الشرق الأوسط.