علي الشريف يكتب: الحاوية

4 د للقراءة
4 د للقراءة
علي الشريف يكتب: الحاوية

صراحة نيوز – كتب: علي الشريف

سئمت الحديث في السياسة.. سئمت الحديث في الرياضة… َسئمت الحديث عن المشاكل الاجتماعية…. حتى عن الحب لم اعد أرغب في الكتابه.
انا لا أدري لماذا ربما تكون هذه النهاية الحتمية لشعورنا بأنه لا ضوء باخر النفق لا قدرة على التغيير… لا رغبة حتى في الحب…
هل استسلمنا لست ادري.. هل أصابنا الخمول لست ادري… هل دخل الياس الي قلوبنا.. لست ادري ام اننا اعتدنا المشهد في كل شيء…
ربما اعتدنا وتطبعنا أصبح كل شيء عندنا طبيعي جدا… كالملل الذي يجناحنا كل يوم ….
عن ماذا نتحدث ونحن نهرب من اي حديث بتكلم عن حقيقتنا.. عن كل هذا الاحباط…. عن أي شيء اكتب…….
هل اكتب عن تاريخنا وقد اضعناه ام عن حاضرنا المؤلم ام عن مستقبلنا الذي لا نعلم متى يأتي.
هل اكتب عن غزة وماذا تنفع الحروف امام عصابات تحرق الأخضر واليابس.. تقتل الأطفال والشيوخ والنساء.. وتغتال الأرض حتى لا تنبت مقاتلين…
هل اكتب عن لبنان… بلد الأرز والجمال وصوت فيروز….
لن اكتب فلبنان بلد المفارقات العجيبة… بلد قبل أن تُدميه إسرائيل مزقته الطائفية والمحاصصه…
وأغاني البطولة التي دشنها وائل كفوري.
هل اكتب عن السودان وما فيها… لست ادري هل هي بلد عربي مسلم ام لا…. عن دمشق عن بغداد…. لا أعرف.
هل اكتب عن حوادث السير…. ربما لو كتبنا الاف الكتب لن يتغير شيء لان المصيبة ليست بالشوارع بقدر ما هي بالإنسان وتعجرفه وتكبره على الطريق والقانون…
هل اكتب عن المديونية لن استطيع…. عن الأسعار فهذه ليست مهمتي… عن الفقر… او عن الحقد الطبقي… ساتهم بأنني لست منتميا.
هل اكتب عن الإعلام الرسمي او عن الإعلام الموازي… كله يكتب بحبر واحد مع اختلاف الأماكن..
هل اكتب عن المدارس … لا اريد… هل اكتب عن المشافي ووزارة الصحة لا فلا ذنب للمشافي او للوزارة فالشعب هو من يختار ان يمرض…..
حسنا… سأكتب اليوم عن حاوية القمامة في حارتنا… هذه الحاوية التي صنعت لتحوي كل قذارتنا…. في الصباح تكون على الرصيف تأتي سيارة البلدية لتفريغها وحين تنتهي نجد الحاوية في منتصف الطريق او قبل المنتصف بقليل…
.. نحن الشعب الوحيد في هذا العالم الذي تتحرك عنده الحاوية من تلقاء نفسها… فتترك مكانها وتذهب في نزهة الي منتصف الشارع…….
نحن الشعب الوحيد الذي يحترم الحاوية بدل ان يلقى فيها القمامة يضع تلك القمامة الي جانبها حرصا على مشاعرها….
نحن الشعب الوحيد الذي بات يكتب عبارات الغزل على الحاوية… ويرسم عليها قلوب الحب التي يخترقها سهم للتعبير عن حبنا…
انا رأيت عبارة مكتوبة على احد الحاويات… تقول احبيني بلا عقد …ووقع تحت العبارة باسم … أبو نظرة جميلة.
… في حالة الاختلاف نكتب الأسماء على الحاوية…صديق تخاصم مع صديقه قكنب اسمه علي الحاوية.
وأكثر شيء تمارسه اننا نحاول أن نغير لون الحاوية الي الوان…
وربما تكتب على الحاوية تسقط إسرائيل…
ونكتب كل شعارات النصر والبطولة….
ربما يكون الحديث عنها هو أفضل شيء لأنها تحوي كل شيء…. لا تبخل بشيء بل انها صامدة بوجه عجرفتنا….
نحن اذا ما تظاهرنا غشينا علنا بالحاوية فنحرقها… َلكنها
تتحدى ان يهزمها احد…. حتى الجرذان اخذ منها مأوى والقطط السمان أيضا.
باختصار الحاوية اصبحت مكانا للحديث عن الرياضة وعن السياسة وعن الحب وعن المشاكل… حتى انا لم استطع كتابة هذه السطور الا حين جلست على الرصيف امام الحاوية…..

Share This Article