صراحة نيوز – بقلم حاتم الكسواني
تُبرز كل صور القسوة الإسرائيلية في حربها ضد أهلنا في غزة ولبنان بأن هذا العدو يعتقد أنه يخوض لعبة عض الأصابع مع المقاومين الفلسطينيين واللبنانيين وحاضنتيهما الشعبية .
فالعدو الإسرائيلي يعتقد بأنه كلما آلم المواطنين المدنيين في غزة ولبنان كل انفصلت عرى تعلقها بقوى المقاومة المتمثلة بحركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان .
ويتبع الإحتلال إستراتيجية تنبع من هواجسه التاريخية وتعليماته التلمودية ، فتاريخيا ينظر الإحتلال إلى تجارب الإستعمار الإحلالى في جنوب أفريقيا ونتائجه التي ادت في النهاية إلى تولي أهل البلاد لحكم وطنهم إستنادا إلى تفوقهم الديموغرافي في عدد السكان فعمل الإحتلال الصهيوني إلى الحد من معدلات زيادة السكان الفلسطينيين بقتل أكبر عدد منهم وبتركيزه على قتل النساء والأطفال … النساء للحد من حالات الإنجاب المرتفعة في المجتمع الفلسطيني ، والأطفال لقطع عملية بلوغهم لسن الزواج وتشكيل الأسر والعائلات، والتحول إلى كوادر مقاتلة أو علماء وخبراء .
يأتي ذلك للحد من حالات الزواج وزيادة عدد السكان وتعاظم الإنجازات المتكررة في المجتمع الفلسطيني الغزي المسلم الملتزم بالشريعة الإسلامية ” يا معشر الشباب من إمتلك منكم البائة فليتزوج “.
ومن إستراتيجية الإحتلال الإسرائيلي القتل تنفيذا لتوصياتهم التلمودية التي لا تستثني أحدا من الفلسطينين من القتل وحتى حيواناتهم ويعتبرون ذلك الأمر واجبا دينيا وتعليما توراتيا مقدسا لا ينبغي العدول عنه ، وهذا ما نطق به نتنياهو محرضا على إبادة الشعب الفلسطيني حسب توصيات يوهه ” موسى ” .
(والآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما لهم ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة ، طفلا ورضيعا ، بقرا وغنما ، الجمل والحمار ) .
وهذا يتعارض مع قناعات الساعين لتحرير بلادهم من قوى الإستعمار ،فنرى مثلا أن الصامدين في غزة لم يغادروها رغم الجرائم اليومية التي تقترف ضدهم وذات الامر يجري في لبنان ، ففي وجدانهم وقناعاتهم أنهم يشاركون في معركة مقدسة أن استشهدوا فيها فهم إلى جنان الخلد وإن بقوا على قيد الحياة فقد شاركوا في معركة تحرير وطنهم و فازوا بالنصر ، وهم على إستعداد على تقديم الغالي والنفيس نصرة لدينهم وفداء لأرضهم الذي لن يتأخروا عنه يوما فالقضية بالنسبة لهم معركة وجود ومصير ومعركة تحرير وطني ، مهما تألموا فيها فسيخوضونها لأنها ليست لعبة عض أصابع يفوز فيها من يألم أكثر ففي قصة فرعون وموسى عبرة حيث قتل فرعون كل الأطفال في مصر ووجد موسى طافيا في النيل فوهبه الحياة وقام بتربيته ليكون سببَ غرقه ومن معه في آخر الأمر .
ولابد لإسرائيل أن تدرك أنها مهما توسعت في إحتلالاتها فهي لن تستطيع أن توفر عنصر الأمن للمستجلبين من مواطنيها فأينما وقفت إحتلالاتها فإنها ستعيش في بيئة معادية ومقاومة ، و ستقابل على الطرف الآخر بيئة مماثلة ” معادية ومقاومة ” .
ومن الواضح بأن إسرائيل اليوم باتت خطرا على من يعاديها ومن يصادقها و يطبع معها لان جرائمها أصبحت محرضة لبث عدم الثقة بين شعوب المنطقة وقياداتها حيث تفترض الشعوب أن على قادتها أن يعملوا على توفير أسباب المواجهة المتناسبة مع ردع إسرائيل وعدم تكرارها لجرائمها الإبادية في غزة ولبنان خاصة وانها لا تخفي طموحاتها التوسعية بالإسم والخطط والخرائط ، فنجد اليوم أن مصلحة دول المنطقة وقادتها أضحت في لجم إسرائيل وتقوية قوى المقاومة التي تعمل ضدها .
لا تستطيع إسرائيل أن تعتمد على الزمن الذي يعمل عكس مصالحها فهاهي تنكشف أمام شعوب العالم كقوة مارقة تنفذ أكبر عملية إبادة شهدها العصر الحديث خاصة شعوب أوروبا الذين لاينسون عدائهم التاريخي القائم بين المسيحية واليهودية الذي دفعهم لطرد يهود أوروبا من بلادهم ،وسوف لن يقيموا بعد اليوم أي وزنٍ لمشاعر الإحساس بالذنب وللإدعاء بمظلومية الشعب اليهودي،وسيجهرون بوجه العدو الصهيوني بما يشبه بيت شعر ابو الأسود الدؤلي القائل
( لاتنهى عن خلق وتأتي مثله …. عار عليك إذا فعلت عظيم ُ ) .
على إسرائيل أن تتفهم جيدا ماالذي يدعو مقاوما منفردا غير منظم أو منتسب لتنظيم عسكري أو سياسي بأن يقوم بدهس جنودهم ، أو بطعن مواطنيهم ، أو بإطلاق النار على تجمعاتهم وهو يعرف ان مصيره الاستشهاد ، عليهم أن يفهموا بأن هذا السلوك هو سلوك المقاومة الشعبية التي لاتتوقف إلا بتحقيق النصر مهما غلا الثمن كما حدث في الجزائر وفيتنام وأفغانستان، وعليها أن تدرك بأن وجودها سيبقى في خطر مادامت تطرح شعاراتها وامانيها التلمودية فإن ذلك ما عاد فعالا وأن الشعوب من حولها إعتمدت مبدأ الصمود والمقاومة وصممت على امتلاك سلاحها من صنع ايديها واعتمدت تطويره بعقول كوادرها وعلى إسرائيل أن تفهم بأن أيامها القادمة أصعب مالم تقبل بوجود على مقاس دول المنطقة وموافقة شعوبها فهم يواجهون حرب تحرير وطني لا لعبة عض أصابع .
” وَلَا تَهِنُواْ فِى ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا