صراحة نيوز ـ د.عبدالمهدي القطامين
شيئا فشيئا يدرك الاردنيون انهم عاشوا اربع سنوات عجاف قاحلة جففت اللحم وابقت العظم مكشوفا لعاديات الزمان في عهد الحكومة الراحلة التي لم تترك شيئا ضد الطموح المعيشي الأردني الا وفعلته دون أن يرف لها جفن أو يؤنب لها ضمير .
ففي أقل من شهر عمدت حكومة الدكتور جعفر حسان إلى اتخاذ قرارات تتعلق بحياة الناس إذ اوسعت قليلا من تلك الحلقة التي احاطت بها حكومة الخصاونة اعناق الناس واوهت كثيرا ووسعت هوة الثقة بين الناس وحكومتهم وسط عناد كان تمارسه الحكومة السابقة وكأن بينها وعامة الناس ثأرا تريد أن تنهيه قبل ان تنتهي ولايتها التي تعد من أطول الحكومات اعمارا وأكثرها وجعا على القلب وفي القلب واكثر حكومة في تاريخ المملكة تلجأالى الى الاستدانة بشكل مفرط .
لن اخوض في تفاصيل الكثير من القرارات التي اتخذتها حكومة الخصاونة فهي واقع معاش نعرفه كلنا لكنني في هذه المقالة اواصل تفاؤلي على الاقل الذهني والعقلي بحكومة حسان مدفوعا بعدة قرارات كانت تصنف في الحكومة السابقة على أنها من المحرمات .
فقد أعادت الحكومة الجديدة العمل باعفاء الشقق السكنية من الرسوم التي كانت ترهق الناس وترفع عليهم كلفة إيجاد مأوى لهم وقد ألغت الحكومة الجديدة الضريبة التي فرضتها الحكومة السابقة على المركبات الكهربائية التي يقل ثمنها عن عشرة آلاف دينار وخفضت الضريبة المفروضة على المركبات التي يزيد ثمنها عن عشرة آلاف دينار إلى خمسين بالمئة لنهاية العام.وازالت الغرامات المستحقة على ضريبة المسقفات وكذلك الغرامات المتحققة على المركبات التي مر على انتهاء ترخيصها اكثر من سنة ولعل خطوتها القادمة لاكثر تاثيرا ستكون قريبا رفع الحد الادنى للاجور وتشديد الرقابة على الينوك التجارية التي تتلكأ في تخفيض نسب الفوائد التي تركت الاردنيين في مهب رياح القطاع المصرفي لمضاعفة ارباحهم وزيادة فقر الاردنيين بالنتيجة .
القرارات التي اتخذتها حكومة الدكتور جعفر حسان تشير بوضوح وتقطع الشك باليقين حول مسلمات عند الشعب الأردني مفادها ان سياسة مرسومة تستهدف بقاء المواطن الأردني تحت خط الفقر مدى الحياة وحسان القادم من مكتب الملك نفى مثل هذه السياسة بل نسفها من جذورها ليؤكد لنا أن الحكومات هي التي ترسم وتخطط وتنفذ وشورها من راسها كنا يقول المثل .
ان غرس مقولة ان الحكومات ليست صاحبة ولاية كان هدفه الأساس التخلص من المساءلة والاختباء خلف الملك في كل صغيرة وكبيرة لنكتشف ان ذلك الوهم الذي غرسه في عقولنا أصحاب الدولة الذين شكلوا الحكومات كان يستهدف فقط الهروب من تحمل المسؤولية وتوزيع دمها بين صناع القرار .
لقد نفى الملك وفي أكثر من مرة مقولة ان هناك توجيهات من فوق وأن من يردد مثل هذا القول هو كاذب اثيم ومع ذلك ظلت العبارة تتردد على لسان بعض المسؤولين حين يحاولون التخلص من تبعات اي قرار ملقين التبعات على القصر ومن فيه .
ولعل من حسن الطالع ان الرئيس القادم من مكتب الملك يدرك ان تلك المقولة فاشلة وأن الفوق المقصود هو في ذلك المكتب الذي يديره لذلك نراه وحكومته يتخذ قرارات أقل ما يقال عنها أنها تحاول ردم الهوة بين الناس والحكومات والتي توسعت لتصل ليس إلى ضعف الثقة ولكن انعدامها في الكثير من الاحيان .
أجزم ان الحكومة الحسانية حكومة مختلفة عن سابقاتها وأن رئيسها المتمكن من الاقتصاد السياسي سيعيد رسم خريطة الثقة عبر قرارات اقتصادية جديدة تعبر بالناس ولو جزءا يسير من أعباء الحياة التي باتت ثقيلة ولا ضوء فيها في نهاية النفق .