صراحة نيوز ـ ملك سويدان
في الوقت الذي كان فيه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يترقب وصول صديقه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الحكم، متوقعًا تنفيذ تهديداته المستمرة ضد قطاع غزة، كانت الكارثة الطبيعية في الولايات المتحدة تضرب بقوة أكبر من كل الحروب، حيث اجتاحت حرائق الغابات منطقة لوس أنجلوس بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى تدمير أراضٍ شاسعة في أكبر مدن الولايات المتحدة.
خسائر الحرائق وصلت إلى 57 مليار دولار في غضون 24 ساعة، وهو ما يعادل ضعف الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة في تمويل حرب الإبادة التي شنتها ضد الأطفال في غزة. في غزة، استمرت آلة الاحتلال في تدمير مدينة جباليا لمدة 662 يومًا متواصلة، متحولة إلى ركام، بينما لازالت المقاومة قائمة على الأرض رغم كل المحاولات للسيطرة على المدينة.
بينما تواصل آلة الحرب الإسرائيلية تدمير غزة، كانت الكارثة الطبيعية تأتي لتضرب قلب الولايات المتحدة، حيث أُجبرت السلطات على تأجيل حفل الأوسكار بسبب النيران التي التهمت مدينة هوليود الشهيرة، وكذلك مسارح ودور السينما، ومنازل المشاهير، مما جعل ترامب يهرع في حالة من الفزع وسط الأزمة.
الربط بين هذه الصورة يثير التساؤلات حول العدالة الإلهية. فهل ستكون هذه الحرائق في لوس أنجلوس انتقامًا لمن دمرت حياتهم آلة الحرب الإسرائيلية؟ في الوقت الذي كانت فيه لوس أنجلوس تعيش تحت وطأة النيران، كانت المدينة تواجه نقصًا حادًا في المياه، مما زاد من صعوبة السيطرة على الكارثة.
من جهة أخرى، يخشى 17 ألف طفل تم قتلهم في غزة بفعل الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية من عدم الحصول على العدالة. فهل هؤلاء الأطفال سيشعرون بالطمأنينة بسبب العدالة الإلهية وهم يرون كيف تحولت سماء كاليفورنيا إلى جحيم محرق، تمامًا كما حولت آلة الاحتلال بساتين بيت لاهيا وبيت حانون إلى ركام؟
على الرغم من أن البعض قد يستخف بهذه المقارنة، فإن الواقع يفرض نفسه عبر المشهد الذي يعكس الانتقام الإلهي. ففي الوقت الذي وصلت فيه الخسائر الاقتصادية الناجمة عن حرائق لوس أنجلوس إلى 50 مليار دولار، قدرت تقديرات الخسائر المؤمن عليها بحوالي 20 مليار دولار، مما يجعلها واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية في تاريخ الولايات المتحدة. مع استمرار تمدد النيران، يتوقع المحللون أن الخسائر ستستمر في الارتفاع.
لقد جاء هذا الانتقام مع تولي ترامب البيت الأبيض ليعيد حساباته في علاقته مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يجلب له سوى المزيد من الخسائر. في لوس أنجلوس، تستمر النيران في تدمير أكثر من 29,000 فدان من الأراضي الزراعية في المقاطعة، في وقت يشهد فيه نزوح أكثر من 150,000 شخص. كما تم تدمير أكثر من 2,000 منزل ومؤسسة، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن مليون منزل وشركة.
وفي الوقت الذي تم فيه إعلان مقتل خمسة أشخاص في الحرائق، لم يكن العدد النهائي للضحايا معروفًا بعد. كما ألغى الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة كانت مقررة إلى إيطاليا للتركيز على جهود الاستجابة لحالة الطوارئ في لوس أنجلوس.
أحد المشاهد الأكثر غرابة في هذا المشهد كان إخلاء مستشفى في لوس أنجلوس بسبب الحرائق، حيث تم نقل المرضى بسيارات الإسعاف وسط فوضى كبيرة، وهو مشهد يشبه تمامًا ما حدث في غزة عندما تم تدمير المستشفيات في القطاع ونقل الجرحى من مستشفى إلى آخر بسبب القصف المتواصل.
الربط بين هذه الصور يظل قائمًا، فكما رأينا العدالة الإلهية في لوس أنجلوس، يظل السؤال قائمًا: هل ستتحقق العدالة لملايين الأبرياء في غزة الذين يعانون من آلة الحرب الإسرائيلية؟ في النهاية، يبقى الجميع يشهد العدالة الإلهية تلاحق الطغاة في كل مكان.