خالدة جرار .. مناضلة .. ذاقت المَرار

5 د للقراءة
5 د للقراءة
خالدة جرار .. مناضلة .. ذاقت المَرار

صراحة نيوزـ عوض ضيف الله الملاحمة

كما أسلفتُ وذكرت في مقالي السابق الذي كان بعنوان (( بين الإنتصار .. والإنكسار )) ، فانني بكل فخر وإعتزاز وإعجاب أُؤكد وأقول ثانية بأن ثورات تحرير الأوطان ، وتحرر الإنسان وقودها ، وإكسير حياتها الشعوب ، التي تناضل لتحرير اوطانها والخلاص من نير الإحتلال والإستعمار .

الإحتلال الصهيوني لفلسطين العربية يعتبر أغرب إحتلال في تاريخ الإنسانية ، لأنه إحتلال إستيطاني ، إحلالي ، تدميري ، إقصائي ، قاتل ، وإجرامي . وها قد مرّ عليه ( ٧٧ ) عاماً متصلة ، وهو يتوسع ، ويتجبر ، ويقتل ، ويسجن ، ويدمر ، ويصادر ، ويشن حروباً ، ويعتدي ، ويتطاول على كرامات الناس وأعراضهم ، ويزيد في غيّه ، وبطشه ، وجبروته .

لكنه لم يسلم ، ولم يكن أنفه بعيداً عن ( المرمغة ) ، والفرك في الأرض ، من عملية هنا ، او مقاومة هناك ، لكن طوفان الأقصى ، كان عليه الأقسى .

فبعد ان رفع واعلن وجهر بأهدافه من شنّ حربه على غزة في السابع من اكتوبر عام ٢٠٢٣ ، وبعد استمرار الحرب على غزة لما يقارب الخمسة عشر شهراً ، لم يحقق أياً من تلك الأهداف التي أعلنها بوضوح وإصرار حدّ التجبر والغطرسة . فلم يُنهي حماس ، حيث ( عجّت ) ، وغصّت شوارع غزة بالمقاومين الأبطال . ليقولوا للعدو اننا ما زلنا على أرضنا ، رغم الجراح ، والفقد ، والدمار الهائل . كما لم يحقق هدفه في تهجير الغزيين خارج غزة ، رغم انه هجّرهم داخل غزة ثلاثة او اربعة مرات . وها هم يعودون بكل اصرار — وإحتقار للعدو — يعودون الى ركام بيوتهم وسينصبون خيامهم ، او يبنون بيوتاً من الطين كما فعلوا بعد الدمار الذي احدثه العدو في حروبه العديدة السابقة على غزة .

وها هو العدو يرضخ ، وربما انه توسل واستجدى وقف اطلاق النار ، حسبما صرح مسؤول امريكي كبير .

وبدأ تحرير الأسرى من سجون العدو ، بعد معاناة ، واهانات ، وقهر ، وحبس حرية ، وتعذيب ، وبُعد عن الأهل والأحبة .

وأكثر من أسرّني ، وأسرني ، وابهجني ، وافرحني هو الإفراج عن البطلة المتفردة في تاريخ النضال الفلسطيني ، إنها السيدة / خالدة جرار ، من ابرز قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . هنيئاً لنا ولكِ بإستنشاقكِ عبق الحرية ، والتخلص من قيود الأسر .

السيدة / خالدة جرار ، ستبقى خالدة في سجل المناضلين العالميين لتفردها وجرأتها في نضالها ضد العدو إنتصاراً لقضيتها . السيدة / خالدة جرار من مواليد ١٩٦٣ ، سياسية فلسطينية ، وناشطة نسوية يسارية . شغلت العديد من المواقع ، منها : عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وعضو في المجلس التشريعي الفلسطيني عن الجبهة . تنشط في مجال الدفاع عن حقوق الانسان ، خاصة حقوق الأسرى الفلسطينيين ، ترأست مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان . تم انتخابها لعضوية المجلس التشريعي عام ٢٠٠٦ . وترأس حالياً لجنة الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطينى . ولعبت دوراً رئيسياً في تعزيز طلب فلسطين للإنضمام الى المحكمة الجنائية الدولية .

إعتقل العدو الصهيوني السيدة / خالدة جرار ، عدة مرات ، كان آخرها ، عندما تم إعتقالها في شهر ٥ / ٢٠٢١ ، وتم إطلاق سراحها يوم أمس الموافق ٢٠٢٥/١/١٩ ، في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة مع العدو .

أهنئي أيقونة النضال الفلسطيني السيدة / خالدة جرار لأنها نالت حريتها ، بعد ان ( ذاقت المرار ) . لا شك ان ثمن حريتكِ انتِ وكافة السجناء الأبطال الذين تم تحريرهم ، كان ثمناً باهظاً جداً . كيف لا ، وهل يمكن تحرير الأوطان بالوكالة !؟ أم هل يمكن تحرير الأوطان من خلال التجوال في حواضر الغرب والإقامة في فنادقه الفخمة !؟ وهل من المنطق أن يعتمد الفلسطينيون علينا — او عليَّ أنا شخصياً — ان أحرر لهم فلسطين ، وهم يتفرجون !؟ يقول المثل : ما حكّ جِلدك مثل ظفرك . لا سبيل أمام الفلسطينيين الا النضال وبذل الغالي والنفيس قبل الرخيص لتحرير وطنهم .

فالحرية ، والتحرير ثمنهما غالٍ جداً . والتاريخ الانساني يشهد ان حرية الشعوب ، وتحرير الأوطان لا تتم الا بإهراق الدماء بغزارة ، وسخاء دون تردد او خوف . وما قدمته غزة العِزة الا حلقة واحدة من حلقات نضالهم الطويل المكلف . وصدق أمير الشعراء / أحمد شوقي ، عندما قال :—
وللحرية الحمراء باب / بكل يدٍ مُضرجةٍ يِدقُّ .

Share This Article