الإنتصار الأخلاقي .. للمقاومة

5 د للقراءة
5 د للقراءة
الإنتصار الأخلاقي .. للمقاومة

صراحة نيوزـ عوض ضيف الله الملاحمة

لا يكفي أن تكون مقاوماً ضد من إحتل أرضك ، وإنتهك عرضك ، وقتل شقيقك ، وإقتلع زيتونك ، وهدم بيتك ، وصادر أرضك . كما لا يكفي أن تكون مؤمناً بقضيتك وعقيدتك . ولا يكفي أن تكون صبوراً في مقارعة عدوك . فهناك شرطاً ربما يبزّ كل ما سبق ، يتمثل هذا الشرط في أن تعكس أخلاقك وقيمك ومعتقدك أثناء معاملتك أسرى عدوك .

وهذا مع الأسف ، رغم أهميته ، لم يلتفت اليه الكثيرون ، ولم يكتب عنه أحد لإظاهره والمساعدة على إنتشاره . هناك فائدتين عظيمتين من إبراز رقي وحضارية تعامل المقاومة مع الأسرى ، وذلك يتمثل بنقطتين هما :— ١ )) إبراز رقي ، وحضارية قيم المقاومة ، وأخلاق المقاومين ، ليؤكد للعالم انهم ليسوا إرهابيين بل مقاومين شرفاء إضطرهم إحتلال أرضهم للدفاع عنها وتحريرها . ٢ )) عند مقارنة رقي تعامل المقاومة مع الأسرى ، مع سوء تعامل الإحتلال مع السجناء الفلسطينيين ، يفضح جرائمه وغطرسته وتجبرّه وفقدان جيشه للقيم والأخلاق التي تحث ، وتحض على حسن معاملة الأسرى ، سواء في الشرائع السماوية ، او التشريعات والقوانين الدولية التي نظمت ، وقيّدت ، وحدّدت هذه العلاقة التي يكون إطارها إنسانياً أخلاقياً نبيلاً .

الإسلام العظيم ، كما كافة الديانات السماوية العظيمة لديها محددات ، وأسس ، ومعطيات ، ومبادئ ، وقيم في التعامل مع الأسرى . لا بل حتى القوانين والتشريعات الدولية تضمن للأسير الرعاية ، والعناية ، وحُسن التعامل ، والمحافظة على حقوقه ، وكرامته ، وحياته ، وسلامته ، وإبعاده عن الأخطار حتى لا تصيبه أية أضرار . وهذا يشترط على المسؤول عن الأسير ان يحافظ عليه محافظته على نفسه ، كيف لا وهو أمانة في عنقه .

كل ما ذُكر من حُسن معشر وحرص ، لا يعرفه الكيان الصهيوني . لا بل انه يقوم بأعمال وحشية ، بربرية ، إجرامية لم تشهدها البشرية . فهو يتفنن في القتل ، والسحل ، والتعرية ، والاعتداءات التي تعكس نذالته ، وتجبّره ، وغطرسته ، ووحشيته .

الحروب لها آداب ، وقوانين ، وأخلاق ، وتعاملات ، رغم ان محورها القتل وسفك الدماء . الحمد لله ان المقاومة في غزة قد سطّرت سيرة مُشرِّفة قيمياً ، وأخلاقياً ، ودينياً . كيف لا ، وقد شهدنا إعترافات مشرّفة للعديد من الأسرى . فمنهم من أظهر حفظه لآيات من القران الكريم . ومنهن من طبعت قُبلة على جبين أحد المقاومين . هذا علاوة على حُسن مظهر الأسرى الذي يعكس رقي العناية بهم رغم صعوبة الظروف . كما ذكرت إحداهن ان المقاومين كانوا يراعون النظافة في الأنفاق ، وهم الذين كانوا يقومون بتنظيف الحمامات ، كما اهتموا بنجاعة معالجة المرضى من الأسرى حيث كان يزورنا أطباء بانتظام . إعترافات بعض الأسرى ، دفع أحد كبار مسؤولي العدو لأن يفقد اعصابه ، ويتساءل بعصبية ، ويقول : لماذا لم يحضر اللقاء أحد المسؤولين من إعلام الجيش ، ليضبط الأمر ، ويوجه الأسيرة المفرج عنها ويلقنها ما يجب ان تقول ، حتى لا تكيل هذا المديح للمقاومة .

تعامل المقاومة الإنساني الحضاري مع الأسرى ، أعطى إنطباعات قيمية وأخلاقية رائعة ، عززت تعاطف شعوب العالم مع القضية الفلسطينية . كيف لا وقد رأيناهم في ملابس جيدة ، وهندام جيد ، وفي صحة جيدة من ناحيتي التغذية والمعالجة . بينما شاهدنا كما شاهد العالم حال السجناء الفلسطينيين عندما يُفرج عنهم . حيث ترى من يُفرج عنه من الفلسطينيين أشعث ، أغبر ، هزيل ، رثّ الثياب ، لحاهم طويلة ، وعيونهم زائغة ، وأجسامهم نحيلة .

المقاومة في غزة سطرت نصراً قيمياً ، وأخلاقياً ، وحُسن تعامل مع الأسرى ، لم يلتفت له الكثيرون . أما أنا فإنني أعتبر ذلك نصراً اخلاقياً ، وقيمياً ، وإنسانياً ، متفرداً في هذا الزمان الرديء . بل ان المقاومة تسيدت المشهد العالمي أخلاقياً .

Share This Article