صراحة نيوزـ في قلب حي المزة بمدينة دمشق، انتشرت مؤخراً مهنة جديدة تكتسب شهرة، وهي الصرافة التي امتهنها العديد من الأشخاص، من بينهم محمود الذي لا يخجل من وضع كلمة “صراف” على واجهة محل الدخان الذي يعتاش منه. محمود، الذي يبيع الدخان إلى جانب عمله في الصرافة، يهتف بأعلى صوته بكلمة “صراف” ليلفت انتباه المارة، خاصة المغتربين الذين يزورون البلاد بعد سقوط النظام.
على الرغم من أن هذه المهنة كانت تقتصر سابقاً على نطاق ضيق، وفي أيدي قلة من الأشخاص المقربين من النظام السوري، فقد أصبحت اليوم ظاهرة منتشرة في معظم أنحاء البلاد، حيث يمتهنها العديد من الأفراد أصحاب المحلات الصغيرة، مثل بائعين على البسطات وفي محلات الخضرة. هؤلاء الصيارفة يزاولون مهنهم باستخدام ما يملكونه من رصيد مالي، مهما كان محدوداً، مدفوعين باحتمال ربح جيد من زبون واحد.
محمود، الذي يعمل في هذا المجال منذ فترة، يوضح أن هذه المهنة لم تكن معروفة في سوريا إلا منذ وقت قريب، حيث كانت تقتصر على حفنة من المقربين من الحكومة في النظام السابق، الذين كانوا يتحكمون في سوق الصرف ويحددون أسعاره وفقاً لمصالحهم الخاصة. في تلك الفترة، كانت معاقبة من يضبط متلبساً بالتصريف في السوق السوداء قاسية، فتصل العقوبات إلى السجن لفترات طويلة أو فرض تسويات مالية ضخمة.
اليوم، تختلف الأمور، كما يوضح غسان، صراف آخر. الحكومة الحالية، التي تعتمد سياسة اقتصادية حرة، لا تتدخل بشكل كبير في عمليات الصرافة، بل تدرك أن الكثير من السوريين عادوا إلى بلادهم مع عملات أجنبية، في وقت لا تمتلك فيه المصارف السورية السيولة الكافية لتلبية احتياجاتهم، مما دفعها إلى السماح للأفراد بممارسة هذا العمل.
في الوقت نفسه، يرى غسان أن الحكومة قد تتدخل لاحقاً لضبط هذه العمليات عبر قوانين جديدة، دون اللجوء إلى القمع الذي كان سائداً في الماضي.
من جهة أخرى، يشير حسن، العامل في مصرف إسلامي سوري، إلى أن الحكومة الحالية ترغب في جمع العملات الأجنبية، خاصة الدولار، من السوق، لذلك قامت بطرح سعر صرف الدولار في المصارف يوازي أو يتفوق على ما يدفعه الصيارفة في السوق السوداء. لكن، بسبب قلة السيولة في المصارف الحكومية، بدأ العديد من الأشخاص بالعودة إلى السوق السوداء، رغم وجود فروقات في الأسعار.
في النهاية، يأمل حسن أن تسهم السياسات الاقتصادية المنفتحة في توفير السيولة الكافية، مما يساعد المواطن والدولة على حد سواء، ويقلل من الاعتماد على السوق السوداء.