صراحة نيوز – فرح قدومي
في خطوة جديدة تضاف إلى سجل الإعلام الاستقصائي، بثّت قناة الجزيرة حلقة مثيرة للجدل من برنامج “ما خفي أعظم”، حملت عنوان “الطوفان”، قدم فيها الصحفي تامر المسحال تفاصيل حصرية عن عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في أكتوبر 2023. الحلقة لم تكن مجرد كشف عن تفاصيل عملية عسكرية، بل كانت بمثابة وثيقة استراتيجية تكشف عن أبعاد سياسية، اقتصادية، قانونية، وإنسانية تعيد تشكيل المشهد الفلسطيني-الإسرائيلي.
عملية الطوفان: تفاصيل تكتيكية غير مسبوقة
عرضت مشاهد حصرية لكتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، وهي تخترق الحدود الإسرائيلية عبر شبكة أنفاق متطورة. المشاهد تضمنت لحظات اقتحام مواقع عسكرية إسرائيلية، تفجير ناقلات جنود، ومواجهات مباشرة أظهرت تفوق المقاومة على المستوى التكتيكي.
في مقابلات خاصة مع قادة من المجلس العسكري لكتائب القسام، تم الكشف عن أن العملية كانت ثمرة سنوات من التخطيط الدقيق والمراقبة المكثفة، ما يعكس تطورًا ملموسًا في أداء المقاومة رغم الحصار المشدد المفروض عليها
إعلام يخرق الرواية الرسمية: كيف غيّر ما خفي أعظم قواعد اللعبة؟
لم تقتصر الحلقة على استعراض تفاصيل عسكرية فحسب، بل أعادت تعريف دور الإعلام الاستقصائي في مواجهة الروايات الرسمية. لقد استطاع برنامج “ما خفي أعظم” أن يكشف الحقائق ويدحض السردية الإسرائيلية التي حاولت تصوير العملية بشكل مشوه، مما أكسبه مصداقية عالية في الأوساط الإعلامية الشرق أوسطية أعادت تسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين وأكدت على حقهم المشروع في الدفاع عن أنفسهم، موفرة بذلك مادة إعلامية يمكن أن تغير شكل التغطية الإعلامية للقضية الفلسطينية.
ما بين الأمل الفلسطيني والذعر الإسرائيلي: الأثر النفسي للعملية
على المستوى الفلسطيني، شكلت الحلقة مصدرًا للأمل والروح المعنوية. في وقت تعيش فيه غزة تحت حصار خانق، أظهرت الحلقة أن المقاومة قادرة على تحقيق انتصارات ملموسة. في المقابل، أثارت الحلقة قلقًا داخليًا كبيرًا في إسرائيل، حيث كشفت عن ضعف المنظومة الأمنية والعسكرية التي كان يُعتقد بأنها لا تُقهر. هذه الجوانب النفسية والاجتماعية لم تقتصر على الأفراد فحسب، بل تمثلت أيضًا في تأثيراتها على مستوى القيادة الإسرائيلية والشعب.
الطوفان يهز السياسة الإسرائيلية ويضع التطبيع على المحك
العملية لم تكن مجرد هجوم عسكري؛ بل كانت نقطة تحول على الصعيد السياسي. فقد أظهرت الحلقة انقسامات عميقة داخل القيادة الإسرائيلية، خاصة بين الحكومة والجيش، مما زاد من الضغوط على القيادة السياسية التي كانت تواجه انتقادات داخلية حادة. على المستوى الإقليمي، وضعت الحلقة الدول العربية المطبعة في موقف محرج أمام شعوبها، حيث أعادت التأكيد على دعم الشعوب العربية للمقاومة الفلسطينية، مما يثير تساؤلات كبيرة حول استمرارية التطبيع في ظل تصاعد الأحداث
ثمن الطوفان: كيف أثقلت العملية كاهل الاقتصاد الإسرائيلي؟
تناولت الحلقة أيضًا الأبعاد الاقتصادية للعملية، حيث كشفت عن التكلفة العسكرية المباشرة التي تكبدها الاحتلال، من خسائر في الأرواح والمعدات العسكرية إلى التأثيرات الأوسع على الاقتصاد الإسرائيلي. يضاف إلى ذلك تكاليف التأمين على المنشآت الأمنية، بالإضافة إلى تداعيات العملية على الاستثمار المحلي والدولي في إسرائيل. من جانب آخر، أظهرت الحلقة كيف تمكنت المقاومة الفلسطينية، رغم الحصار، من تطوير قدراتها العسكرية بطرق غير تقليدية، مما يمثل نموذجًا مبتكرًا للاستثمار الذكي للموارد المحدودة.
حق المقاومة في القانون الدولي: سلاح جديد في وجه الاحتلال
أكدت الحلقة على أن المقاومة الفلسطينية تمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس، وفقًا للمواثيق الدولية التي تعترف بهذا الحق، مما يفتح الباب أمام تقديم هذه الحقائق كأدلة في المحافل الدولية ضد الاحتلال. في ذات الوقت، كشفت عن انتهاكات الاحتلال المستمرة بحق الفلسطينيين، مما يعزز من المطالب بفرض مزيد من الضغوط الدولية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها بحق المدنيين الفلسطينيين.
رسالة صمود: الجانب الإنساني من عملية الطوفان
على الجانب الإنساني، لم تقتصر على الحديث عن الأبعاد العسكرية والسياسية فحسب، بل تناولت معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، وأظهرت صمودهم أمام الحصار والاعتداءات العسكرية المستمرة. كانت رسالة الحلقة واضحة؛ إن الصمود الفلسطيني ليس مجرد موقف سياسي، بل هو أمل ورسالة إنسانية للعالم بأن الشعب الفلسطيني قادر على تحمل المصاعب ومواصلة النضال. كما أظهرت مشاهد التضامن الداخلي بين أفراد المقاومة، مما يعكس وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
حلقة “الطوفان” من برنامج “ما خفي أعظم” لم تكن مجرد كشف لتفاصيل عسكرية، بل كانت بمثابة بيان سياسي وإعلامي شامل يعيد تشكيل الصورة الذهنية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. البرنامج، بقيادة تامر المسحال، أثبت مرة أخرى أن الإعلام الاستقصائي يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في نقل الحقيقة، وكشف الحقائق المخفية، وإعادة صياغة الوعي الجماهيري.
