صراحة نيوز- لا يمكن أن يتحقق الإصلاح السياسي في الأردن دون أن تستعيد السلطة التشريعية دورها الطبيعي كركن أساسي من أركان الحكم، وفقاً لما نص عليه الدستور الأردني في مادته الأولى التي تنص على أن “نظام الحكم نيابي ملكي وراثي”. ومن المؤكد أن استعادة السلطة التشريعية لمكانتها يتطلب أولاً استعادة هيبة المجلس.
أما الطريق لتحقيق ذلك فهو واضح، ويتجسد في العودة إلى نصوص الدستور الأردني التي نظمت العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مع ضمان عدم هيمنة أي سلطة على الأخرى تحت أي مسمى، مثل التشاركية أو غيرها من المفاهيم التي يتم استخدامها لتبرير تجاوز الحكومة على البرلمان.
اليوم، احتدم الموقف بين رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي ووزير المالية عبدالحكيم الشبلي بسبب عدم رد الوزير على هاتف رئيس المجلس، وهو ما يعكس بوضوح واقع العلاقة بين الحكومة والبرلمان. فالحكومات في السنوات الأخيرة لم تعد تعير البرلمان الاهتمام الكافي، وهو ما تجلى في العديد من القضايا التي أثارها النواب، مثل ملفات الفوسفات والإعفاءات الطبية، التي كانت تشير إلى التهميش المستمر لدور البرلمان في اتخاذ القرارات.
الصفدي اتخذ مواقف حادة ضد تصرفات الوزير، متهماً إياه بانتهاك نص دستوري صريح حين منع الوزير من الحديث في المجلس، وذلك بسبب عدم رد الوزير على مكالمته. وعلى الرغم من أن المادة (52) من الدستور تمنح رئيس الحكومة أو الوزراء حق الكلام في مجلسي الأعيان والنواب، إلا أن الصفدي اختار حرمان الوزير من هذا الحق بناءً على تصرف شخصي، وهو عدم الرد على الهاتف.
وليس هذا الموقف الأول للصفدي في التعامل مع الوزراء؛ فقد سبق له رفع جلسة للنواب احتجاجاً على مغادرة وزير للجلسة الرقابية دون إذن، في الوقت الذي كان ينتقد فيه النواب الذين يعبرون عن استياءهم من غياب الحكومة أو رئيسها عن الجلسات. كما أنه كان من المدافعين عن وزير المالية السابق محمد العسعس، وكان يظهر انزعاجه من الانتقادات التي كان يتعرض لها الوزير من قبل النواب.
من غير المقبول أن تظل العلاقة بين النواب والوزراء رهناً لأمزجة رؤساء المجلس أو علاقاتهم الشخصية بالوزراء أو رؤسائهم. فالدستور هو الأساس الذي يجب أن يحكم العلاقة بين جميع السلطات. وإذا كان هناك أي نوع من الضغط أو الابتزاز يتعرض له النواب، كما قال الصفدي، فالمجلس يمتلك الأدوات الدستورية الكفيلة بمحاسبة أي وزير أو نائب أو رئيس يتجاوز صلاحياته.