اللقاء المرتقب لجلالة الملك بالرئيس الأمريكي ترامب

5 د للقراءة
5 د للقراءة
اللقاء المرتقب لجلالة الملك بالرئيس الأمريكي ترامب

صراحة نيوز- كتب ماجد القرعان

من الواضح حسبما تتناقله العديد من وسائل الإعلام في الولايات المتحدة وما كتبه كبار كتاب الأعمدة وقاله كبار الساسة الأمريكيين أن الرأي العام الأمريكي يعارض التشابكات الجديدة في منطقة الصراع، كما أن استطلاعات الرأي أظهرت أن الشعب الأمريكي وبأغلبية ساحقة يعارض هذه التشابكات بعد أن دفعوا ثمناً باهظاً جراء التدخلات العسكرية الطويلة في العراق وأفغانستان وسوريا، والتي تحمل كلفتها دافعي الضرائب وذهب ضحيتها الآلاف من الشباب.

لا بل إن كثيرين أعادوا للذهن ما دفعه الشعب الأمريكي في حرب فيتنام التي أسفرت عن مقتل نحو (58,220) عسكرياً ونحو (150,332) جريحاً، وانتهت الحرب رغم أنف قادة الولايات المتحدة آنذاك دون أن يحصلوا على ناقة أو جمل.

وكذلك الأمر بالنسبة للحرب في أفغانستان، فهم لم ينسوا نتائج هذه الحرب التي استمرت نحو 20 عاماً وكلفت الولايات المتحدة الأمريكية تريليوني دولار، وقتل فيها نحو ثلاثة آلاف جندي، غير المئات الذين لقوا مصرعهم في الحرب بشكل مباشر أو بالإنتحار، ناهيكم عن الآلاف من الجنود الأمريكان الذين ذهبوا ما بين قتيل وجريح وانتحار وإصابات بالصرع جراء الحرب على العراق وسوريا.

لكن من غير المعروف والمعلوم حتى الساعة إذا كان باستطاعة ترامب أن يمضي قدماً في اقتراحه، تماشياً مع صورته الذاتية كصانع صفقات ماهر، أو أن الشعب الأمريكي والقوى السياسية فيها سيتمكنون من مواجهته حماية للشعب الأمريكي ومقدرات الولايات المتحدة ومكانتها الدولية. فالمعروف أن ترامب وببساطة كان يطرح موقفاً متطرفاً كخدعة مساومة، وكانت فترة ولايته الأولى مليئة بالخدع والمناورات التي لم يتم تنفيذ الكثير منها على الإطلاق.

من المفترض أن يلتقي جلالة الملك الرئيس ترامب يوم الثلاثاء المقبل الموافق 11 شباط الجاري لإجراء مباحثات تتناول العلاقات بين الدولتين ومناقشة قضايا دولية من ضمنها القضية الفلسطينية ومستقبل غزة بعد وقف الحرب المدمرة عليها.

قراءات المراقبين للقاء المرتقب تشير إلى أن جلالة الملك سيتقدم كعادته باقتراحات موضوعية لحل النزاع في منطقة الشرق الأوسط من أجل إحلال السلام العادل، والذي سبق وأكده في جميع المحافل الدولية إذا كانت دولة الاحتلال الإسرائيلية ترغب فعلاً في السلام من أجل شعبها ووقف الصراع الممتد منذ عقود بسبب عنجهيتها ورفضها لكافة القرارات الدولية وتدخلات الدول المحبة للسلام. لكن من المؤكد أن جلالته الذي يستند في كل مواقفه على تمسك الشعب الأردني بالنظام الهاشمي والتفافهم حول قيادته لن يتراجع قيد أنملة عن تمسك المملكة بالثوابت التاريخية حيال القضية الفلسطينية، والتي أكدها مراراً محلياً وفي جميع المحافل الدولية، وسيبقى متمسكاً بلاءاته الثلاث التي كان قد أطلقها في شهر آذار من عام 2019 والمتمثلة بـ “كلا للتوطين، كلا للوطن البديل، والقدس خط أحمر”.

جلالة الملك لدى قادة العالم بالقائد المحنك والسياسي البارع، وتمكن الأردن بفضل قيادته أن يحقق تطوراً كمياً ونوعياً في المجال الدبلوماسي وكسب تأييداً دولياً للقضية الفلسطينية ضمن المواقف الثابتة للدولة الأردنية بهدف إيجاد حل عادل للقضية لتنعم جميع شعوب المنطقة بالسلام، والذي لن يتحقق دون إقامة دولة مستقلة للفلسطينيين على أرضهم التاريخية وعاصمتها القدس الشريف.

تخوفات البعض من تصريحات ترامب ليست في مكانها، فهو بإصراره على تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، المرفوض على المستويين الرسمي والشعبي في الدولتين، يغامر أولاً على مستوى علاقة بلاده بالأردن بتحالف قائم مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من سبعة قرون، وثانياً أنه بذلك يدفع الأردن وكذلك مصر إلى خيارات الانفتاح على عدد كبير من الدول للتشبيك معها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهو يدرك ومعه كبار الساسة والخبراء المختصين خطورة ذلك على مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية التي ما زالت تعد الدولة الكبرى. إلى جانب أن ذلك سينعكس على واقع التحالفات التي تجمع الولايات المتحدة مع العديد من دول العالم وتحديداً مع دول الاتحاد الأوروبي بعدما تكشف لقادتها وحتى قبل وصول ترامب لرئاسة أمريكا أن مصالحهم في أدنى اهتمامات قادة الولايات المتحدة.

منذ نشأة الدولة الأردنية وحتى اليوم، واجهتنا العديد من التحديات والصعاب، ومنها ما كان أصعب وأشد مما نسمعه اليوم من تهديد ووعيد على لسان قادة دولة الاحتلال وبعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية وآخرين من الدول المتحالفة معهم. وبفضل الله أولاً، والتفاف الشعب الأردني خلف قيادتهم وتمسكهم بالنظام الهاشمي، كنا نخرج أقوى من السابق. فالأردن هو عمود الارتكاز الأمني في الإقليم كاملاً، إن انهار لا قدر الله، تكون شرارة الحرب العالمية الثالثة.

حمى الله الأردن بقيادته وشعبه من شرور الأشرار، إنه سميع مجيب الدعوات.

Share This Article