صراحة نيوزـ تعد ليلة النصف من شعبان واحدة من أبرز الليالي التي يستحب فيها الإحياء بالدعاء والصيام وقيام الليل، وهي الليلة التي توافق اليوم الخامس عشر من شهر شعبان. كثير من المسلمين يتساءلون عن حكم الاحتفال بهذه الليلة، سواء كان ذلك حلالاً أم حراماً، خاصة مع وجود بعض الآراء التي تعتبرها بدعة.
بحسب الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية، أوضح أ. د. شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية سابقًا، أن الاحتفال بـ ليلة النصف من شعبان مشروع على جهة الاستحباب. وقد أشار إلى أن الشرع الشريف قد رغّب في إحياء هذه الليلة واغتنام ما فيها من خيرات وبركات، عن طريق قيام الليل، وصيام النهار. هذا السعي في إحياء ليلة النصف من شعبان يأتي في إطار طلب الفضل و الثواب التي توزع في هذه الليلة المباركة، وهي بمثابة فرصة عظيمة للمسلمين لطلب المغفرة والرحمة من الله.
وأضاف أنه لا يجوز الالتفات إلى الآراء المتشددة التي تعتبر الاحتفال بهذه الليلة بدعة، معتبرًا أن هذه الآراء مردودة بالأحاديث المأثورة وأقوال أئمة الأمة وعملها المستقر والثابت عبر الأزمان.
ذكرت دار الإفتاء المصرية في بيانها أدلة على فضل ليلة النصف من شعبان، وأشارت إلى ما كتب به عمر بن عبد العزيز إلى عديّ بن أرطأة عامله على البصرة: “عليك بأربع ليالٍ من السنة؛ فإن الله يفرغ فيهن الرحمة إفراغًا: أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة الأضحى”. كما جاء عن خالد بن معدان أنه ذكر خمس ليالٍ في السنة، من يداوم على صيامها وقيام ليلها، يدخل الجنة، ومنها ليلة النصف من شعبان.
في القرآن الكريم، ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة الدخان:
﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4].
وقد فسرها العلماء بأنها ليلة النصف من شعبان، حيث يُبرم فيها أمر السنة، وتُنسخ الأحياء من الأموات، ويُكتب الحاجّ، فلا يُزاد فيهم أحد ولا يُنقص منهم أحد.
ورد في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تؤكد فضل هذه الليلة، منها حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث قال: “إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا؟ أَلَا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ”.
في حديث آخر، قال النبي ﷺ عن شهر شعبان: “هذا شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم”. ويضيف أ. د. أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن تخصيص ليلة النصف من شعبان بهذه الفضائل مستحب بناء على ما ورد في الأحاديث الصحيحة.
اختلف الفقهاء في جواز الصيام في النصف الثاني من شهر شعبان. البعض أجاز الصيام في هذه الفترة باعتبار ثبوت فضل الصيام في هذا الشهر، في حين رأى البعض الآخر أنه يقتصر على من كان له عادة في الصيام، مثل من يعتاد صيام الإثنين والخميس اتباعًا لسنة النبي ﷺ.
الاحتفال بـ ليلة النصف من شعبان يُعد مستحبًا وفقًا لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، مع الإحياء بالدعاء، والقيام، والصيام. وقد أكد العلماء أن هذه الليلة تحمل فضلًا كبيرًا، وهي فرصة عظيمة للحصول على الرحمة والمغفرة من الله، ويجب على المسلم أن يسعى إلى اغتنام هذه الفرصة بتوجهه لله بالدعاء والطاعات.