صراحة نيوز ـ نضال انور المجالي
في قرية هادئة، لم تكن تشتهر إلا بإنتاجها الوفير من الفجل الطازج، ظهرت فجأة جماعة غريبة أطلقت على نفسها اسم “جماعة أبو الفجل”. لم يكن هدفهم زراعة المزيد من الفجل أو حتى الاحتفال بفوائده الصحية، بل كان لديهم طموح أغرب: تخريب القرية!
اجتمع أعضاء الجماعة، وكانوا حوالي عشرة أشخاص يتميزون بحماسهم الغريب وولائهم المطلق لشخص غامض يدعى “أبو الفجل” لم يره أحد منهم قط. خلال اجتماعهم السري (الذي عقد في حظيرة مهجورة تفوح منها رائحة الفجل المتعفن)، وضعوا خطة “مبتكرة” للتخريب.
قال أحدهم، وهو يدعى “فجلان” وكان يتميز بشارب كثيف يشبه جذور الفجل: “يا رفاق الفجل! يجب أن نكون حذرين. التخريب فن، ولا يجب أن يبدو أننا الفاعلون!”
تدخل آخر، أصلع الرأس ويدعى “مفجل”: “بالضبط يا فجلان! يجب أن نقسم أنفسنا إلى فريقين. فريق يقوم بالتخريب الفعلي، وفريق آخر يقف خلفهم مستنكرًا بشدة أفعالهم أمام أهل القرية.”
هنا تدخل ثالث، نحيل القامة ويحمل دائمًا حبة فجل في جيبه، واسمه “فجلة”: “فكرة رائعة! هكذا سنظهر كأننا حريصون على سلامة القرية، بينما في الحقيقة… نحن من يزرع الفوضى!”
وهكذا، تم تقسيم الجماعة. فريق “الفجل الهادم” تولى مسؤولية قلب صناديق القمامة في منتصف الليل، ورش الطلاء على جدران المتاجر برسومات فجل عملاقة، وتعطيل مؤقت لساعة القرية القديمة لتعلن أوقاتًا عشوائية. أما فريق “الفجل المستنكر”، فكان يظهر في الصباح التالي للتخريب، يعبر عن غضبه الشديد ويدعو إلى محاسبة “المخربين المجهولين”.
كان “مفجل” أحد أبرز أعضاء فريق المستنكرين. كان يقف أمام المتجر الذي رسمت عليه صورة فجل عملاقة وهو يصرخ: “يا له من عمل مشين! أيها المجرمون، ستنالون عقابكم! يجب على أبو الفجل أن يتدخل!” (طبعًا كان يقصد نفسه كواحد من أتباع أبو الفجل).
أما “فجلان”، قائد فريق الهادمين، فكان يندس بين المستنكرين وهو يتمتم بغضب مصطنع: “هؤلاء المخربون لا يفهمون قيمة قريتنا! يجب أن نبلغ أبو الفجل بما يحدث!”
استمر هذا الوضع لعدة أيام. القرية في حالة من الفوضى الخفيفة، وأهلها يتداولون القصص عن “المخربين الأشرار” ويثنون على “المواطنين الغيورين” من جماعة أبو الفجل الذين يستنكرون هذه الأعمال.
لكن، كما هو الحال دائمًا، لا يدوم الغباء طويلًا. ذات صباح، بينما كان “فجلة” يحاول قلب عربة بائع الفول (ببطء شديد حتى لا ينكشف أمره)، شاهده عجوز القرية الحكيم، “العجوز أبو الفجل” (لم يكن له أي صلة بالجماعة، لكن اسمه كان مجرد صدفة فجلية).
نظر العجوز إلى “فجلة” وهو يحاول يائسًا قلب العربة، ثم نظر إلى حبة الفجل التي تتدلى من جيبه، وابتسم ابتسامة عريضة.
في اليوم التالي، اجتمع أهل القرية في الساحة الرئيسية. كان فريق “الفجل المستنكر” يقف في الأمام، يندد بأعمال التخريب الأخيرة (التي تضمنت ربط أبواب الحمامات العامة بالحبال). فجأة، تقدم العجوز أبو الفجل وهو يحمل بيده ربطة فجل كبيرة.
قال بصوت جهوري: “أيها الناس! لقد اكتشفت سر جماعة أبو الفجل!”
نظر إليه الجميع بذهول.
تابع العجوز أبو الفجل وهو يشير إلى “فجلان” و “مفجل” و “فجلة” وبقية الأعضاء: “هؤلاء هم المخربون! وهم أيضًا المستنكرون! إنهم يلعبون دورين سخيفين تحت قيادة شخص لم يروه قط!”
ساد صمت مطبق. ثم انفجر الجميع بالضحك. كانت فكرة وجود جماعة تخرب وتستنكر أفعالها في نفس الوقت، وبقيادة زعيم وهمي اسمه أبو الفجل، قمة العبث والكوميديا.
حاول أعضاء الجماعة الإنكار، لكن الحاج فجل الدين كشف عن آثار الطلاء على أيديهم، وبقايا حبال مشابهة لتلك المستخدمة في ربط الأبواب في جيوبهم، والأهم من ذلك، إدمانهم الغريب على الحديث عن “أبو الفجل” في كل جملة.
في النهاية، لم يتم معاقبة أعضاء جماعة أبو الفجل بشدة. فقد كان تخريبهم طفيفًا وغبيًا لدرجة أنه أثار الضحك أكثر من الغضب. لكنهم تعلموا درسًا قيمًا: الغباء المنظم هو في النهاية مجرد غباء مكشوف.
أما “أبو الفجل” الغامض، فقد ظل لغزًا. يعتقد البعض أنه مجرد اختلاق من قبل أحد الأعضاء الأكثر دهاءً (أو ربما الأكثر جنونًا) في الجماعة. والبعض الآخر يهمس بأنه روح الفجل نفسها، تنتقم من القرية بطريقتها الخاصة.
وهكذا، عادت القرية إلى هدوئها المعتاد، باستثناء بعض رسومات الفجل العملاقة التي تركت كتذكير بتلك الأيام السخيفة لجماعة أبو الفجل. وأصبح اسم “أبو الفجل” يطلق على أي شخص يقوم بعمل غبي أو متناقض في القرية، مصحوبًا بضحكات مكتومة.
قصةً من الخيال.
حفظ الله الاردن والهاشمين