صراحة نيوز- متابعة عدي أبو مرخية
في قلب الأردن، حيث تعمل شركة البترول الوطنية على استخراج النفط والغاز، يواجه مئات من العاملين في هذه الشركة واحدة من أكثر القصص الإنسانية إيلامًا. هؤلاء العمال الذين تركوا خلفهم مغريات العمل في شركات عالمية، عادوا إلى وطنهم بحلمٍ بسيط: الاستقرار الوظيفي، والعيش بكرامة، وتقديم خدماتهم لشركة وطنية تعكس الصورة المثلى للعدالة والحقوق. لكن، بعد سنوات من العمل في ظروف شاقة، يكتشفون أن الحلم الذي طالما راودهم لم يكن سوى سراب.
من العمل الدؤوب إلى التوقف الطويل
منذ سنوات، كان هؤلاء العمال يعملون في مواقع حفر الآبار في مناطق بعيدة من الأردن، حيث أُجبروا على التعاقد بنظام المياومة، الذي يضمن لهم العمل أسبوعين متتاليين مقابل أسبوع إجازة، على مدار 12 ساعة يوميًا، بين شفتات صباحية ومسائية. كانت البداية صعبة، لكنهم تحملوا، مقتنعين أن هذا العمل الشاق سيضمن لهم حياة أفضل.
لكن مع مرور الوقت، بدأ يتضح أن الواقع مختلف تمامًا. إذ لم يتم احتساب الإجازات السنوية، أو العطل الرسمية، أو حتى الإضافي، رغم أن الشركة كانت تحقق أرباحًا ضخمة من مشاريعها. والأسوأ من ذلك، أن العاملين وجدوا أنفسهم بعد عام واحد مجبرين على توقيع عقود جديدة مع إحدى الشركات… ، دون استقالة رسمية من شركة البترول الوطنية، أو حتى تأمين حقوقهم الأساسية. في النهاية، تم التخلص منهم بشكل تدريجي، وإجبارهم على الانتظار لأسابيع أو حتى شهور، من دون عمل أو أجر.
قاسم البلوي: من العالمية … الى الفقر في الأردن
قاسم البلوي، أحد المتضررين من هذا النظام، يقول إنه كان يعمل في شركات عالمية مثل شركة شل التي تمنحه امتيازات ذهبية لكنه قرر العودة إلى الوطن ليخدمه ويستقر فيه واصفاُ أنه اصطدم بالواقع فأصبح من مهندس في شركة عالمية إلى عامل مياومية.
.
القصص تتوالى: شباب آخرون يشاركون في معركة البقاء
أما حسن جندل النعيمي، الذي عمل في شركات بترول عالمية في البحرين والإمارات، فيروي يؤكد أنه عمل في الأردن لسنوات طويلة ليحصد منها الخبرات ليقرر أنه حان الوقت لخدمة بلادي مبيننا أنه وجد نظاما معقدا وحياة مليئة بالتهديدات مشيراً أنهم كانوا يجبروا على الانتظار لأسابيع وشهور دون أي أجر. رغم أننا من نعمل في الحفر، ونعرف قيمة هذا العمل، فإننا لا نحصل على أبسط حقوقنا
.إصابات العمل وإهمال الشركة
ويبين مكين الزغول، أحد العمال الذين تعرضوا لإصابة أثناء العمل، تجربته المريرة، أنه حين اضطر لإجراء عملية جراحية إثر الإصابة التي تعرض لها أثناء أداء مهامه. مؤكدا أن الشركة لم لم تتدخل الشركة في أي مرحلة من مراحل علاجي. بدلاً من ذلك، أُجبرت على اللجوء إلى الضمان الاجتماعي، حيث تركت في معاناة مستمرة دون أي دعم من الشركة.
النداء إلى المسؤولين: صوت العمال يجب أن يُسمع
اليوم، بعد سنوات من الظلم، يرفع هؤلاء العمال أصواتهم مطالبين الحكومة الأردنية، وخصوصًا جلالة الملك عبدالله الثاني وولي العهد الأمير الحسين، بالتدخل العاجل لحل قضيتهم، ومنحهم حقوقهم المشروعة مؤكدين أنهم لا يطلبون سوى العدالة والعيش بكرامة داخل وطننا الأردن
إن هذه القضية تمثل أكثر من مجرد قضية عمالية؛ إنها قضية حقوق إنسان، ويجب على الجميع الوقوف إلى جانب هؤلاء العمال الذين يستحقون الحياة الكريمة بعد سنوات من العمل المخلص.