هل حضر وزير الاستثمار جلسة حل شركة تطوير وادي عربة؟ ولماذا لم يدافع عن ذراع تنموية وطنية بهذا الثقل؟

4 د للقراءة
4 د للقراءة
هل حضر وزير الاستثمار جلسة حل شركة تطوير وادي عربة؟ ولماذا لم يدافع عن ذراع تنموية وطنية بهذا الثقل؟

صراحة نيوز – أ.د.محمد الفرجات

في لحظة مفصلية تتطلب من الدولة تكريس كل أدواتها لدعم الاستثمار وتحقيق التنمية المتوازنة، يصدر قرار حكومي يقضي بتصفية شركة تطوير وادي عربة، الذراع التنموية الأهم في منطقة تُعد من أكثر مناطق المملكة تهميشًا، ما يثير تساؤلات جوهرية حول الحيثيات، وأهمها: هل حضر وزير الاستثمار جلسة اتخاذ القرار؟ وإن حضر، لماذا لم يدافع عن بقاء الشركة؟ إلا إذا كان الوزير غير مدرك لأهميتها الاستراتيجية، وهنا تكمن الخطورة.

شركة وادي عربة: مشروع ملكي لا يليق أن يُلغى بقرار بيروقراطي

تأسست شركة تطوير وادي عربة تنفيذًا لتوجيهات مباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني، بهدف تحويل المنطقة إلى محور وطني للاستثمار والتنمية المستدامة، في مجالات الزراعة والطاقة والسياحة والصناعة، على مساحة تتجاوز 2000 كم² من جنوب البحر الميت إلى شمال مطار العقبة.

لم تكن الشركة مجرد مؤسسة بيروقراطية، بل كانت مشروعًا وطنيًا يُجسّد رؤية الدولة في تحويل التحديات الجغرافية والديموغرافية إلى فرص إنتاجية. وكان من المفترض أن تكون أحد أعمدة التحديث الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الجنوب.

تصفية مؤلمة… ومشاريع قيد التنفيذ في مهب الريح

منذ انطلاقها، حملت الشركة ملفات استراتيجية ضخمة، كنت شخصيًا شاهدًا ومشاركًا في بلورتها عند التأسيس، حيث توليت ملفات المياه والتخطيط المجتمعي والتواصل. من أبرز المشاريع:

مشروع تحلية مياه باستخدام الطاقة الشمسية.

تطوير مصادر مائية جوفية مستدامة.

شراكات استثمارية إقليمية ودولية قيد التوقيع.

برامج تمكين اقتصادي للمجتمعات المحلية.

مشروعات زراعية تعتمد أحدث التقنيات وتستهدف التصدير.

نواة لمشاريع سياحية ضخمة.

نقل هذه الملفات إلى سلطة وادي الأردن أمر غير واقعي، فهذه السلطة ذات طابع تنفيذي محدود في البنية التحتية الزراعية، ولا تملك الإمكانيات القانونية أو الفنية لإدارة استثمارات بمئات الملايين، أو التفاوض مع شركاء دوليين.

البُعد المجتمعي: وأدُ أملٍ طال انتظاره

لطالما كانت شركة تطوير وادي عربة بصيص الأمل الوحيد لسكان المنطقة الذين عانوا لعقود من التهميش. التصفية المفاجئة بمثابة إعلان تراجع رسمي عن التزامات الدولة تجاههم. تعني وقف المشاريع، وتجميد التنمية، وعودة البطالة، وتعميق الفقر.

أليس من صلب مسؤوليات وزارة الاستثمار الدفاع عن ذراع تنموي وطني بهذا الوزن؟ ألا يقتضي الدور الوزاري أن يُقاتل من أجل بقاء أدوات الجذب والاستثمار، لا أن يصمت في حضرة التصفية؟

في الوقت الذي تستثمر فيه دولة الاحتلال مليارات في الجزء المقابل من وادي عربة بمشاريع زراعية وصناعية وسياحية ومراكز أبحاث، ويجني الاحتلال عوائد ضخمة من استغلال نفس الطبيعة والموقع الجغرافي، نقوم نحن بتصفية أداتنا الوحيدة القادرة على منافستهم في نفس الميدان.

ما هو المنطق في هذا؟ هل هي قلة إدراك؟ أم تغليب لمنطق الإنكماش والبيروقراطية على الطموح الوطني؟ أم أن القرار اتخذ دون دراسة كافية، ودون أن يعي بعض الوزراء أبعاده، بمن فيهم وزير الاستثمار؟

دعوة صريحة للتراجع المدروس

إننا نهيب بالحكومة التراجع عن قرار التصفية، أو على الأقل التريث لحين تشكيل لجنة وطنية تراجع الأثر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للقرار. المطلوب:

1. تجميد القرار إلى حين القيام بدراسة أثر شاملة.

2. دعوة خبراء وممثلي المنطقة والنواب لمراجعة الخيارات.

3. إعادة تعريف الشركة ضمن خارطة التحديث الاقتصادي الجديدة.

4. تمكينها وتوفير الدعم الفني والقانوني اللازم لتوسعة أعمالها.

تصفية شركة تطوير وادي عربة ليست قرارًا عاديًا، بل نزع لأداة تنمية في وقت نحتاج فيه لكل رافعة اقتصادية.

والسؤال سيبقى معلقًا في أذهان الأردنيين:

هل حضر وزير الاستثمار الجلسة؟ وإن حضر، فلماذا لم يدافع؟

Share This Article