صراحة نيوز ـ يتجدّد المشهد المأساوي في لواء الحسا بمحافظة الطفيلة، وسط أصوات استغاثة ومناشدات أطلقها الأهالي، بعد أن ضربت السيول المنطقة مجدداً، جراء فوضى بيئية سببها تداخل أعمال التعدين مع مجاري السيول والأودية دون رقابة أو التزام بالقوانين الناظمة للسلامة العامة وحماية البيئة.
وفي حادثة مفجعة، داهمت السيول، يوم أمس، عدداً من المواطنين والإبل، بعد أن أعاقت أكوام الردم الناتجة عن عمليات التعدين مجاري الأودية، فتجمّعت المياه بشكل خطير قبل أن تندفع بعنف وتغير مجراها الطبيعي، مخلّفة خسائر بشرية ومادية. وتواصل الجهات المعنية جهودها للبحث والإنقاذ في تضاريس صعبة مليئة بالحفر العميقة والمياه المتجمعة التي تفتقر لأي حماية أو سواتر.
الأهالي يشيرون إلى أن ما يحدث في الحسا ليس مجرد كارثة طبيعية، بل نتيجة مباشرة لفوضى عمرها سنوات في قطاع التعدين، حيث تُترك الحفر العملاقة دون طمر، وتُلقى الردميات بشكل عشوائي، في تجاهل صارخ للأنظمة البيئية والمائية، مما أدى إلى انسداد مجاري السيول وتحويلها إلى تهديد دائم لحياة المواطنين ومزارعهم ومواشيهم.
تكررت الحوادث، وتكررت الشكاوى، ولكن لا تزال الجهات الرقابية غائبة، بحسب ما يؤكده المواطنون. يقول أحد السكان: “نشعر وكأننا خارج حسابات الدولة، رغم أننا لا نطلب أكثر من تطبيق القانون ومنع هذه الكارثة المتنقلة التي تحصد الأرواح عاماً بعد عام.”
في الوقت ذاته، تُطرح تساؤلات حول مدى التزام الشركات العاملة في المنطقة باتفاقيات البيئة والمياه، وما إذا كانت هناك جهة تتابع تنفيذها فعلاً، أم أن الانفلات البيئي بات واقعاً مفروضاً على السكان.
الخبراء يحذرون من أن استمرار هذا الإهمال سيحول لواء الحسا إلى منطقة منكوبة بيئياً وديموغرافياً، في ظل نزوح بعض الأهالي وتراجع النشاط الزراعي والرعوي بسبب مخاطر السيول المجمعة والتلوث الناتج عن عمليات الاستخراج غير المنضبطة.
مطالب المواطنين واضحة: تدخل حكومي حاسم، تشديد الرقابة، إلزام الشركات بردم الحفر وتعديل مجاري السيول، ومحاسبة من يخالف القانون. فالحفاظ على الحياة والبيئة ليس خياراً، بل حق أساسي يكفله الدستور.
[
