مستقبل أنظمة الدفع: هل نحن مستعدون لإقتصاد بلا ورق

3 د للقراءة
3 د للقراءة
مستقبل أنظمة الدفع: هل نحن مستعدون لإقتصاد بلا ورق

صراحة نيوز ـ المستشار الإقتصادي الدكتور محمد عبدالستار جرادات

في نقطة تحولّية للإقتصاد الأردني، ولحظة مفصلّية من تاريخنا المالي، وبعد خمسة أعوام من الدراسات والأبحاث لذوي الإختصاص حول تنظيم وتشريع العملات الرقمية ضمن مراقبة متخصصة؛ قررت الحكومة الأردنية في أبريل من هذا العام كسر جمود الموقف التقليدي تجاه العملات الرقمية، عبر طرح مشروع “قانون تنظيم التعامل بالأصول الإفتراضية”، حيث ينص القانون على 18 مادة محكمة لتنظيم الإستثمار في الأصول الإفتراضية بما يحاكي ويتماشى مع الإقتصاد العالمي والإستدامة المالية.
جاءت هذه الخطوة “كركيزة أساس” لتشجيع الإستثمار الأجنبي ومكافحة التهرب الضريبي وغسيل الأموال، كما أنها قيّدت المستثمرين والمؤسسات غير الشرعيين (غير المرخصين) من الإنخراط فيها. حيث نصّت المادة 15 – أ من القانون: “يعاقب كل من يمارس تجارة العملات الرقمية دون ترخيص بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف ولا تزيد عن 100 ألف دينار أردني”.
يذكر، في شهر آذار من العام 2020؛ أن البنك المركزي الأردني أصدر دراسة بعنوان “العملات المشفرة – Cryptocurrencies”. حيث فصّلت الدراسة مفهوم العملات الرقمية وحيثيات تطبيقها ومخاطرها.كانت الدراسة نقطة إنطلاق “الملاحة المؤسسية” للمستثمرين، وخارطة طريق توعوية عالية التفصيل.أكد البنك المركزي من خلالها أن للعملات الإفتراضية عدة فوائد على المستوى الإقتصادي والأفراد، لما تتمتع بها من سمات. ولكن، هناك العديد من المخاطر التنظيمية والإدارية لتشريعها، كمخاطر الإحتيال وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي تعتبر في مجملها تهديد مباشر لأمن واستقرار النظام المالي. ومن هنا، وحفاظا على المملكة من الإنخراط في تهديدات مالية واسعة النطاق؛ قيّد البنك المركزي المؤسسات المالية في تعميم أصدره في نوفمبر 2021 من التعامل بالعملات الإفتراضية المشفرة أو تسهيل التعامل فيها ما لم يكن هناك شرعية وإختصاص، تفاديا لمخاطر الجرائم المالية والقرصنة الإلكترونية، ووضع لوائح لتسهيل التعامل بها لذوي الإختصاص وضمن شرعية تنظيمية ومراقبة حثيثة من جهته. حيث أجاز لمزودي خدمات الأصول الإفتراضية حق ترخيص مهامهم ضمن شروط محكمة، وذلك تفاديا للمخاطر أعلاه.
من جهة أخرى، لا يزال المركزي منخرطا مع البنوك المركزية العالمية في دراسة إصدار عملة رقمية قانونية، تتمحور حول بعض التحديات القانونية والفنية والتشغيلية، فعلى صعيد الإعتبارات القانونية وكما وضّح المركزي؛ تجد بعض البنوك المركزية ثغرات عالية في الأطر التنفيذية للمشروع، حيث كانت تجربة بنك الشعب الصيني في إصدار عملة رقمية خاصة به سيشمل قضايا تنظيمية ضخمة، كإدارة مكافحة الإرهاب، وغسل الأموال والتهرب الضريبي.
يسعى الأردن اليوم بحكمته إلى مواكبة التحول الرقمي لأنظمة الدفع والإرتقاء إلى تطبيقه مع الضبط والتشريع، لما له من سمات تسهيلية للدولة والمؤسسات والأفراد، وتماشيا مع رؤية التحديث الإقتصادي للمملكة، لإقتصاد أخضر ونمو مستدام. كما ويسعى إلى دمج التحول الرقمي والذكاء الإصطناعي لما لهما من ميزات تكميلية في الأسواق المالية؛ فعند إشراك الذكاء الإصطناعي في منظومة “البلوكتشين”، سينتج بالمحصلة أنظمة موثوقة، وذكية، ولامركزية، إذ يضيف الذكاء الإصطناعي التسهيلات إلى تطبيقات “البلوكتشين”، بينما تضيف البلوكتشين الشفافية والأمان إلى الذكاء الإصطناعي.

حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه

Share This Article