صراحة نيوز ـ أجمع خبراء أمنيون وسياسيون على أن خطر تهريب المخدرات من الأراضي السورية ما يزال يشكّل تهديدًا حقيقيًا لأمن الأردن واستقراره، رغم زوال الغطاء السياسي الرسمي الذي كان يؤمّن هذه العمليات في عهد النظام السوري السابق.
جاء ذلك خلال حلقة حوارية ضمن برنامج “صوت المملكة”، تناولت استمرار تهريب المخدرات من الجنوب السوري وهيبة الحدود الأردنية، حيث دعا المتحدثون إلى إبرام اتفاق أمني معلن بين عمان ودمشق، وتعزيز التعاون الأمني المشترك، بل وطرح بعضهم فكرة دخول الجيش الأردني إلى مناطق الاشتباه داخل الأراضي السورية لمحاصرة الشبكات الإجرامية وقطع خطوط الإمداد.
وقال الخبير الأمني عمر الرداد إن فقدان الغطاء السياسي الرسمي لعمليات التهريب لم ينهِ الخطر، بل زاد من أطماع الميليشيات التي وجدت في تجارة المخدرات موردًا ماليًا أساسيًا. وأضاف أن استمرار التهريب يأتي ضمن أهداف اقتصادية لتلك الميليشيات التي قد تمتلك مخزونًا كبيرًا من المواد المخدرة، مشيرًا إلى تعقيد المشهد الأمني في جنوب سوريا، وعدم قدرة النظام السوري الحالي على فرض سيطرته الكاملة.
الرداد أوضح أن تهريب المخدرات سابقًا لم يكن منفصلًا عن أجندات سياسية، حيث استُخدم كأداة لزعزعة الاستقرار في الأردن ضمن مشروع إقليمي تقوده إيران. كما كشف أن تلك العمليات كانت تترافق مع تهريب أسلحة تحت غطاء دعم المقاومة الفلسطينية، بينما كانت النوايا الحقيقية تتجه نحو نشر الفوضى داخل الأردن.
من جهته، حذّر رئيس الجمعية الأردنية لمكافحة المخدرات موسى الطريفي من تفاقم أزمة المخدرات في المملكة، مستندًا إلى بيانات مديرية الأمن العام التي سجلت أكثر من 25 ألف قضية مخدرات خلال عام 2024. وأكد أن هناك محاولات حثيثة لنقل صناعة المخدرات إلى داخل الأردن، مشددًا على ضرورة تغليظ العقوبات بحق المتاجرين والمتعاطين، وتطوير التشريعات لتكون أكثر ردعًا.
ودعا الطريفي كذلك إلى مواجهة الخطر داخليًا من خلال ملاحقة مستقبلي المخدرات المهرّبة، إلى جانب تعزيز المراقبة والتنسيق مع الجهات الأمنية في دول الجوار.
بدوره، رأى مدير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمار قحف، أن النظام السوري يبذل جهودًا لضبط التهريب، لكنه غير قادر على ذلك دون دعم وتعاون دولي، خاصة في ظل الأوضاع المتوترة على الحدود، لا سيما مع لبنان. واعتبر قحف أن الحدود السورية-الأردنية تُعد أكثر انضباطًا نسبيًا، مشيدًا بمقترح إقامة تعاون أمني وثيق بين البلدين.
ودعا قحف إلى استثمار اللقاءات العربية والقمة المقبلة لطرح ملف تهريب المخدرات كأولوية إقليمية، وبلورة موقف عربي موحّد يساند الأردن في حماية حدوده من هذه الآفة المتفاقمة.
ويُعد تهريب المخدرات من الجنوب السوري أحد أبرز التحديات الأمنية التي تواجه الأردن، في ظل تداخل المصالح بين جماعات مسلحة وميليشيات خارجة عن سيطرة الدولة، مما يستدعي حلولًا أمنية وسياسية متكاملة على المستويين الثنائي والإقليمي.