الذكاء الاصطناعي تقنية مهمة للصحافة الرقمية

8 د للقراءة
8 د للقراءة
الذكاء الاصطناعي تقنية مهمة للصحافة الرقمية

صراحة نيوز ـ بات من الضروري على وسائل الإعلام، وخاصة الرقمية منها، اعتماد تقنيات حديثة لمكافحة انتشار الأخبار الزائفة، إلى جانب مواكبة التشريعات الناظمة لمعالجة هذه الظاهرة على شبكات التواصل الاجتماعي بتوظيف “الذكاء الاصطناعي” كأحد أهم هذه التقنيات، حيث يُستخدم لتحليل المحتوى الإعلامي وتقييم مصداقيته بسرعة وفعالية.

وأثبتت كثير من التجارب التي تواجه وسائل الإعلام المختلفة ضرورة تبنيها “الذكاء الاصطناعي” برؤية علمية ودقيقة وتوظيفه كآلية تقنية لمحاربة الأخبار الكاذبة ومساعدة الصحفيين على إنجاز مهامهم، في ظل التسارع الهائل لتدفق المعلومات وتنوع مصادرها بشكل غير مسبوق.

وفي السياق ذاته، أكد عدد من الخبراء والقانونيين والإعلاميين لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا محوريًا في تحليل النصوص والصور والفيديوهات، لاكتشاف التلاعب والتزوير، مما يسهم في تسريع عملية التحقق من صحة الأخبار وحماية الجمهور من التضليل الإعلامي.

وأشاروا إلى أن “الذكاء الاصطناعي” يجسد أهمية التكامل بين التقنية والخبرة البشرية لضمان تقديم محتوى إعلامي موثوق يحمي الجمهور من التضليل، ويعزز الدور الرقابي للصحافة الرقمية في عصر المعلومات.

عميد كلية الحقوق في جامعة العقبة للتكنولوجيا، الدكتور علي الزعبي من جهته قال: “نعيش في زمن يتطلب تحديث أطرنا القانونية لمواكبة التطورات التكنولوجية، وخصوصًا في مجال الذكاء الاصطناعي الذي غيّر قواعد اللعبة في الإعلام الرقمي والقانون الحالي، مثل قانون الجرائم الإلكترونية، لم يتطرق بوضوح لتحديات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، لذا يجب تعزيز آليات التحقق من المصادر وتغليظ العقوبات على مروجي الأخبار الزائفة لبناء بيئة إعلامية موثوقة تحمي المجتمع من التضليل”.

وأضاف الزعبي: “يجب أن تأخذ التشريعات المستقبلية بعين الاعتبار قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج محتوى مزيف دقيق من نصوص وصور وفيديوهات، الأمر الذي يتطلب تطوير أدوات قانونية وتقنية متقدمة للكشف عنه.”

من جهته، أوضح رئيس مجلس إدارة “الهيئة العربية للبث الفضائي”، محمد العضايلة: أن “الذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا وفرصة في الوقت ذاته، في مجال البث الفضائي والإعلام المرئي، تتيح هذه التكنولوجيا تحسين جودة المحتوى والكشف المبكر عن الأخبار الزائفة التي قد تضر بالمجتمع، لكن علينا أن نكون يقظين للطرق التي قد يُستخدم بها الذكاء الاصطناعي بشكل سلبي، عبر إنتاج فيديوهات مزيفة أو تعديل الأصوات.”

وأكد العضايلة ضرورة، “الاستثمار في البحث والتطوير لبناء أنظمة متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراقبة المحتوى بشكل لحظي، بالتعاون مع الجهات القانونية والتقنية لضمان حماية الجمهور من التزييف والتضليل.”

فيما قال، خبير تكنولوجيا الإعلام والذكاء الاصطناعي الدكتور نجم العيساوي، “يشكل الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في عالم الإعلام الرقمي، فهو ليس مجرد أداة مساعدة، بل شريك فعلي في صناعة المحتوى الصحفي.”

وأضاف أن “التقنيات الحديثة القائمة على التعلم الآلي والخوارزميات الذكية تتيح للصحفيين التحقق من الأخبار بسرعة غير مسبوقة وتحليل البيانات الضخمة التي كانت تحتاج سابقًا لأيام أو أسابيع.”

وتابع العيساوي: “لكن علينا أن ندرك أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على جودة البيانات التي يُغذى بها، فإذا كانت البيانات غير دقيقة أو متحيزة، فإن النتائج ستكون مضللة، لذلك يجب استخدامه ضمن إطار أخلاقيات مهنية صارمة مع إشراف بشري دائم لضمان النزاهة الإعلامية.”

وأشار العيساوي إلى أن الذكاء الاصطناعي يفتح الباب أمام تحديات، مثل تزييف الفيديوهات والأخبار المزيفة المعقدة التي قد تُستخدم لأغراض سياسية أو تجارية، لذا من الضروري الاستثمار في بناء قدرات تقنية متقدمة لمواجهة هذه التحديات، إلى جانب توعية الجمهور بضرورة التعامل النقدي مع المعلومات.

بدوره، قال الخبير الحقوقي بالاعلام يحيى شقير، إن اليونسكو خصصت احتفالها باليوم العالمي لحرية الصحافة لهذا الموضوع، لافتًا أن الذكاء الصناعي مثل أي تكنولوجيا، هو محايد أصلًا كالسيارة والهاتف وهناك من يسيء استخدام هذه التكنولوجيا لكن ذلك لا يجب أن يعمي النظر عن فوائد كل تقدم تكنولوجي.

وبين شقير، أنه ولمواجهة الأخبار المضللة يلقي أعباء على سلسلة توليد وتوريد وتلقي المعلومات وعلى كل شخص في السلسلة دور في التحقق من هذه المعلومات، وحيث أن التحقق من دقة المعلومات هو إختراع خالص للعقل العربي بدأ مع التحقق من الأحاديث النبوية الشريفة وجمعها وسمي علم الجرح والتعديل أو علم الرجال والمجال الآخر هو التحقق من الشعر الجاهلي الذي قام به عدد من الرواية ومنهم الأصمعي والمفضل الضبي ومحمد بن سلام وغير من مدرستي البصرة والكوفة.

وقال الخبير الإعلامي ومدير تحرير الشؤون المحلية في صحيفة “الرأي” السابق زياد الرباعي: “الذكاء الاصطناعي أداة قوية، لكنها ليست بديلاً كاملاً للمهارات الصحفية التقليدية، الاعتماد الكلي على التكنولوجيا قد يؤدي إلى فقدان العنصر الإنساني الذي يضيف الخبرة والحدس والتحليل النقدي.”

وأضاف الرباعي: “يُستخدم الذكاء الاصطناعي حاليًا في التحقق من الأخبار عبر تحليل الصور والفيديوهات وكشف التلاعب، وهو أمر بالغ الأهمية لضمان دقة المعلومات التي تصل إلى الجمهور، لكن في المقابل، هناك محاولات لاستغلال الذكاء الاصطناعي لإنتاج أخبار مزيفة متطورة تبدو حقيقية جدًا، تصل أحيانًا إلى حد التلاعب في المنصات الرقمية وقراءة الأخبار آليًا وإعادة بثها مباشرة، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا لمصداقية الإعلام.”

وأشار الرباعي إلى أن بعض المؤسسات، بدأت باستخدام تقنيات متقدمة، مثل قراءة لغة العيون وحركات بؤبؤ العين لتحليل صدق مقدمي الأخبار، وهو علم مضاد لتقنيات التزييف الرقمية.

وأضاف، أن التحدي يبقى قائمًا لأن القائمين على صناعة التزييف دائمًا ما يطورون أدواتهم لمواجهة هذه التقنيات المضادة.”

بدوره، قال الخبير والمدرب الإعلامي، خالد القضاة: إن “التحدي الكبير للصحافة الرقمية اليوم يكمن في كيفية تحقيق الأرباح وسط منافسة شرسة وانتشار الأخبار الكاذبة.”

وأضاف: “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مهمة لتحسين سرعة ودقة الإنتاج الإعلامي، لكنه لا بد أن يُدمج مع خبرة الصحفيين لضمان جودة المحتوى.”

وتابع أن “الصحافة الرقمية بحاجة إلى التكيف مع التكنولوجيا الحديثة دون أن تفقد روحها الإنسانية أو تتحول إلى مجرد آلية لإنتاج الأخبار، والإعلام التقليدي يواجه أزمة حقيقية مع الثورة الرقمية، خاصة مع ظهور الذكاء الاصطناعي الذي يعيد تشكيل المشهد الإعلامي بشكل جذري.”

وأوضح القضاة: “على الإعلاميين تطوير مهاراتهم الفنية والتقنية لمواكبة هذه التغيرات، ويجب أن تكون هناك سياسات تنظيمية واضحة تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام.”

من جهته، قال أستاذ الإعلام الرقمي والإستراتيجية الإعلامية، الدكتور كامل خورشيد من جامعة الشرق الأوسط: “في عصر الثورة الرقمية، أصبحت الصحافة أكثر تعقيدًا من ذي قبل، والذكاء الاصطناعي أتاح إمكانيات هائلة، لكنه طرح في الوقت ذاته أسئلة أخلاقية وتقنية تحتاج لإجابات واضحة، والتحدي الأكبر هو كيفية دمج هذه التقنية في النظام الإعلامي دون الإضرار بالمصداقية والحياد.”

وأضاف، أن “الصحفي الرقمي الحديث يجب أن يكون مؤهلاً لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل محترف، بحيث لا يتحول إلى مجرد منفذ آلي، بل يصبح مبدعًا في استخدام هذه التقنيات لتعزيز المحتوى والتحقق من الأخبار بكفاءة أكبر.”

وأكد، أن “التوازن بين التقنية والإنسانية، هو سر نجاح الإعلام الرقمي؛ فالذكاء الاصطناعي يقلل الأخطاء البشرية ويزيد سرعة التحليل، لكنه لا يستطيع استبدال التفكير النقدي والبعد الإنساني في معالجة الأخبار،. لذلك، يجب أن نحرص على تطوير الكوادر الإعلامية في هذا الاتجاه.”

وأوضح خورشيد: “من هنا، تأتي أهمية صياغة استراتيجيات إعلامية وطنية تشمل التدريب المستمر على التقنيات الحديثة، وتطوير أطر قانونية وتنظيمية تواكب هذه التطورات، لضمان إعلام مسؤول وفعّال قادر على مواجهة تحديات الثورة الرقمية

Share This Article