أبو عبده تكتب :عيد الأضحى وتضحيات “لا تُقال”.

2 د للقراءة
2 د للقراءة
أبو عبده تكتب :عيد الأضحى وتضحيات "لا تُقال".

صراحة نيوز ـ ندى ابو عبده

في كل عيد أضحى، نحتفل بقصة عظيمة في تاريخ الإيمان… قصة النبي إبراهيم عليه السلام، حين استجاب لأمر الله دون تردد، وقدّم أغلى ما يملك في لحظة تسليم خالص.
لكن المعاني لا تتوقف عند حدود القصة… بل تمتد إلى حياتنا، إلى تفاصيلنا اليومية، إلى ما نقدّمه نحن “بصمت ” لمن نحب، ولمَن حولنا.

هذا العام، سألت نفسي بصراحة:
هل ما أقدّمه في حياتي يُسمّى “تضحية” فعلًا؟
تأملت قصص أمهات نعرفهن جميعًا… نساء قدّمن من أعمارهن وصبرهن ما لا يُكتب ولا يُقال.
ثم رأيت “نساء غزة”، في مشاهد لا تحتاج إلى تعليق: أمهات في الظلام، بلا مأوى ولا طعام، وهنّ ما زلن يربّين ويصبِرن ويحمين الحياة.
وقتها أدركت أن ما نقدّمه، مهما بدا صعبًا، لا يُقارن بما يقدمنه…
لكنني أيقنت أيضًا أن كلٌّ منا يملك شيئًا يقدر أن يقدّمه، ولو كان بسيطًا، ما دام نابعًا من نية صادقة.

فالدين لا يختصر في شعائر موسمية، بل في مواقف تتكرر كل يوم:
أن تبادر قبل أن تُطالَب، أن تُليّن الكلمة بدل أن تُوجِع، أن تتنازل من أجل السلام، أن تُسعد غيرك ولو على حساب تعبك.
حتى حينما تُغيّر من طباعك من أجل راحة من تحب، أو تجامل رغم الضيق، أو تؤجل راحتك من أجل ابتسامة طفل أو رضا شريك… هذه كلها تضحيات، لا تُرفع فوق المنابر، لكنها محفوظة في ميزان الله العادل.

و(برّ الوالدين )هو من أعظم هذه التضحيات.
أن تكبح نفسك لتُرضيهم، أن تؤثرهم على وقتك وراحتك، أن تتلقى التوجيه بصدر رحب وأنت قادر على الرد…
هذا البر، في صورته الصامتة، هو أعظم ما يُقدَّم، وأشد ما يُؤجَر.

ومع بهجة العيد، لا ننسى أبناءنا.
فلنحدثهم عن هذه المعاني… عن أن العيد ليس فقط زيًّا جديدًا أو لحمًا يُوزع، بل هو مناسبة لفهم الطاعة، والصبر، والعطاء.
فكلما غرسنا هذه القيم في قلوبهم، رافقتهم طيلة العمر.

وأؤمن يقينًا أن:
بعد كل تضحية، عيد.
وبعد كل نية خالصة، مكافأة من الله… قد تأتي على هيئة سكينة، أو دعوة مُجابة، أو نور يسكن القلب.

كل عام وأنتم بخير، وتقبّل الله منكم، وكتب لتضحياتكم أثرًا لا يضيع.

Share This Article