صراحة نيوز ـ حاتم الكسواني
بالأمس كشفت إدارة ترامب موقفها المتواطئ مع جريمة الإبادة الجماعية التي تقترفها اسرائيل بحق الأهل في غزة ، وذلك بصفع العالم بالفيتو الذي أشهرته في مجلس الأمن لمنع تمرير القرار الإنساني الذي وافق عليه باقي أعضاء المجلس الاربعة عشر ويقضي بوقف إطلاق النار في غزة و البدأ بإيصال المساعدات الغذائية والطبية لأهل القطاع .
وبعد هذا الموقف الإصطفافي الواضح من إبادة أهل غزة الذي جاء على لسان مندوبة الولايات المتحدة في المجلس والذي أعادت فيه سردية الإحتلال ومؤيديه باعتبار هجوم السادس من أكتوبر المقاوم هو سبب هذه الإبادة وأن فيما تفعل إسرائيل هو حق للدفاع عن النفس ، وأن على حماس أن تسلم اسلحتها وأن تغادر القطاع كثمن لوقف إطلاق النار ووصول المساعدات .
صلف أمريكي مابعده صلف ، وتوحش ما بعده توحش ، ونزع للقناع الأمريكي المدعى بالإنسانية من قبل إدارة ترامب ، بل كشف لكذبة ترامب بانه رجل سلام غير محب للحروب وطامع بالحصول على جائزة نوبل للسلام .
وهنا يأتي السؤال … ماذا تبقى لنا كي نتعامل مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة المعادية لأمة العرب والإسلام والمتآمرة عليها منذ نهاية عهد الإستعمار القديم .
أمريكا تلك التي نشرت قواعدها العسكرية على طول الوطن العربي وعرضه لا لحمايته بل لتحقيق مصالحها في مصادرة خيراته ونفطه وفرض مواقفها على سياسته وقراراته ، وكرست جهد سفاراتها على التجسس عليه وزعزعة أمنه وإستقراره ، وإفساد مايمكنها من إداراته السياسية و رموزه الصحفية والإعلامية و الإقتصادية ، والشخصيات المؤثرة بصنع رأيه العام وقرارته الاستراتيجية والمصيرية.
وعليه فإننا نعتقد بأن لا مجال لإصلاح العلاقة مع الإدارة الأمريكية بشكل يمنع أن يلحق الضرر ببلادنا ودولنا فالأمر محسوم لديها بالتحكم بكَمِ ونوعِ تسلحنا وحجم نشاطنا الإقتصادي وما نصنع ومانزرع … الا تقاوم الولايات المتحدة إمتلاك أي جانب عربي أو إسلامي، لبرنامج تسلح إستراتيجي … فعلت ذلك في العراق وفي ليبيا وفي سوريا ومع الاردن ومع إيران وتفعل ذلك اليوم مع السعودية .
أن مايهم الولايات المتحدة الأمريكية حماية أمن إسرائيل رأس الحربة في مشروعها الإستعماري للسيطرة على منطقتنا ، ويهمها خضوعنا لإرادتها وإصطفافنا في محورها لإدارة دولنا ومقدراتها في خدمة اهدافها ومواجهة منافسيها الإقتصاديين والعسكريين في المحاور الأخرى .
ولكن يبقى السؤال الحائر … كيف لنا الخروج من مازقنا هذا مع الولايات المتحدة الأمريكية ؟؟
مبدئيا الجماهير العربية لا تثق بإدارات الولايات المتحدة الأمريكية ، ولا ترضى بممارساتها وتصنفها في قائمة الأعداء ، ويرضيها أن تقلص الدول العربية مستوى العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية معها ، بل يفرحها الخروج من تحت عبائتها وبناء علاقات متوازنه مع محور آخر وفق مبدأ عدم التدخل بالشؤون الوطنية وتقديم كل الدعم العلمي والإستراتيجي اللازم لتقدم وتطور البلاد وتمكينها من التسلح المناسب لحماية نفسها ، والتبادل الإقتصادي معه وفق مبدأ رابح رابح .. فقد خسرنا ردحا من الزمان من كرامتنا ، وجمال صورتنا ، وقيمتنا ، وحقيقة تاريخنا وواقعنا ، و حقيقة مساهمتنا في تطور الحضارة الإنسانية بسبب علاقة السطوة الأمريكية علينا