هل تملك الدولة إرادة حقيقية للإصلاح ؟

5 د للقراءة
5 د للقراءة
هل تملك الدولة إرادة حقيقية للإصلاح ؟

صراحة نيوز- بقلم / احمد عبدالفتاح الكايد ابو هزيم

تعمل أغلب دول العالم على تنمية اقتصادها الوطني من خلال تحسين جودة حياة الفرد ، وخفض معدلات البطالة ، ومحاربة جيوب الفقر ، ورفع مستوى دخل المواطن ، وتحسين مستوى التعليم باستمرار ، وتعميم الرعاية الصحية ، وجلب الإستثمارات ، والدخول بعقد الاتفاقيات الاقتصادية والدفاعية مع الدول الأخرى لأن المنعة الاقتصادية هي صمام الأمان في وجه التحديات الإجتماعية والأمنية ، وبلا اقتصاد مزدهر للدولة ودخل مريح وحياة كريمة للمواطن تبقى كل هياكل الدولة عرضة للمخاطر الداخلية والخارجية ، ومهما سعت الدول عبر أجهزتها المختلفة لإشغال المواطن بكثرة الأعياد والمناسبات الوطنية وتعمبم الاحتفالات على المستوى الرسمي والشعبي تحت بند تعزيز الجبهة الداخلية ، يبقى الاخفاق ظاهراً للعيان ومرشح للانفجار عند أول منعطف .

الأردن ليس استثناء ولا يستطيع الاِنغلاق على نفسه والاستمرار في تبيض الصورة إعلامياً على المستوى الداخلي في ظل انكشاف الوجه الخارجي للسياسة الدولية ، وتغيير قواعد لعبة التحالفات الإقليمية الناجمة عن التحولات السياسية واختلال موازين القوى في المنطقة ، مع بروز تحالفات إقليمية ودولية تتخطى الدور الأردني الذي انفرد به منذ عشرات السنين والذي مثل له طوق نجاة في كل أزمة أو نائبة ، واستطاع معه الحفاظ على كينونته السياسية والاجتماعية و بقي واحة أمن و أمان بمفهوم ” الأمن العام ” في وقت سقط فيه الكثير من دول العالم العربي في مستنقع النزاعات والفوضى .
الأردن سبق أغلب دول المنطقة في وضع خطط ثلاثية وخمسية وعشرية للتنمية منذ عقود ، وكان لهذه الخطط اليد الطولى فيما شهده الأردن من تقدم و ازدهار في كافة القطاعات في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ، وقبل عدة سنوات بدأت الحكومات الأردنية بإطلاق سلسلة من منظومات الاصلاح الإداري والاقتصادي والسياسي … ولكن لم يلمس المواطن أثر يذكر ” كما كان يتوقع ” لغاية الآن ، وفي نظر البعض لم تخرج ثلاثية عناوين الإصلاح عن معزوفة ” هجيني ” تتغنى بشيء قد لا يكون موجود أصلاً ، ولكن من باب التفاخر وإدخال المجتمعات في حالة نشوة ” أبر مورفين ” تنسيهم الواقع المرير الذي تعيشه شريحة مهمة من المجتمع منذ أمد بعيد ، يضطر معه المواطن أحياناً إلى تصديق ما يردده بعض المسؤولين عن مشاريع قد تكون وهمية أو على الورق تجلب لهم الخير والفلاح في قادم الأيام على أمل أن تكون تصريحاتهم حقيقية بما يضمن خروج آمن للاقتصاد الأردني من عنق الزجاجة ” على حد تعبير أحد رؤساء الحكومات السابقين ” ، مع أن بعض التصريحات تتحدث عن نجاحات تحققت بسبب منظومات التحديث وهي غير موجودة إلا في مخيلة من يدلي بها ، ومع غياب المسائلة الفاعلة وبحسب الأعراف الأردنية المسؤول غير محاسب على أقواله ويبقى كل شيء ممكن نظرياً ، ويستطيع أي ” مسؤول ” تبرير عدم التنفيذ والإنجاز للمشاريع بشح الموارد وعدم وجود تمويل أو مزيد من الدراسات ، ” ومن باب سد الفُرج ” مصلحة الدولة العليا تقتضي بث الأمل والروح المعنوية حتى لأ تذهب الأمور إلى منحى آخر مع أن ذلك المسؤول يعرف بأنه ” … ” والمواطن يعلم بأنه ” … ” ، وتستمر مسيرة القادم الأجمل .
العديد من دول المنطقة تعمل على خطط ورؤى عشرية واضحة المعالم أنجزت منها الكثير من أهدافها قبل الوصول إلى سنة اكتمال الرؤية ، وأصبحت قوى اقتصادية يشار لها بالبنان ، قد يقول البعض بأنها تمتلك النفط وهذا صحيح ولكنها أيضا تملك الإرادة والإدارة ، وعلى نفس المسار دول لا تملك النفط أصبحت قوى اقتصادية عالمية أيضاً نتيجة التخطيط السليم والإدارة الحكيمة ، وما يملكه الأردن من إمكانيات وثروات لا تقل أهمية عن النفط ويتفرد بها مثل المناخ والإنسان وعوامل أُخرى ، ولكن التركيز على الحالة المعنوية ” مؤخراً ” من خلال المبالغة في الاحتفالات وتبيان الإنجازات الجمعية عبر عقود من الزمن للتغطية على الاخفاق في أماكن أُخرى ” ربما ” جعل التركيز على المعالجة الناجعة والنهوض بمستوى رفيع في بعض القطاعات يعتمد على الفزعة الآنية التي سرعان ما ينكشف المستور منها ليتطلب رثي الفتق في الجانب الظاهر ، وهكذا … تُستنزف موارد البلد بدون تحقيق نتائج ذات قيمة .
المصارحة والمكاشفة والشفافية والإرادة الصلبة في الإصلاح لا تتطلب كل هذا الصخب الإعلامي والتجييش المجتمعي في قضايا تدخل الدولة في صراعات عبثية تستنزف طاقاتها وتزرع بذور الشك والريبة حول نهجها ، الطريق الوحيد للإصلاح في كافة الملفات هي الإرادة الجادة واستغلال كل عناصر القوة المتاحة والعمل بصدق على نجاحها .
حمى الله الأردن وأحة أمن و استقرار ، و على أرضه ما يستحق الحياة .
أحمد عبدالفتاح الكايد أبو هزيم
أبو المهند
كاتب أردني ،
ناشط سياسي و إجتماعي

Share This Article