صراحة نيوز -عوض ضيف الله الملاحمة
بما أننا من الدول الصغيرة مساحة ، واقتصادها ضعيف ( وتواكلي ) يعتمد على مدّ اليد والتسول ، والتوسل ، والإستجداء و( الشِحدة ) لماذا لا نعرف حجمنا ، وقدراتنا ، وامكانياتنا ونتصرف وفقاً لها !؟
يفترض ان نكون قد بلغنا مدى بعيداً ، وقطعنا شوطاً طويلاً في احتراف سياسة النأي بالنفس في النزاعات الدولية بين الكبار .
المثل الشعبي يقول ( بين حانا ومانا ضاعت الحانا ) . بعد ان هددت امريكا والكيان ايران ، وايران توعدت امريكا والكيان . ها هو الكيان قد بدأ حرباً على ايران ، وامريكا — ظاهرياً — صامته للآن . وإذا تدخلت امريكا وهاجمت ايران ، سوف تهاجم ايران القواعد الأمريكية المتواجدة على الأراضي العربية . وسوف تصبح أراضينا العربية ساحة المعركة .
ايران أعلنت بكل وضوح بأنها ستضرب القواعد الأمريكية في المنطقة ، وهذا تهديد واضح بأنها ستضرب أراضٍ لدولٍ عربية . ونحن صامتون ، مغلوبون على امرنا . وامريكا تعتبر ان مهاجمة ايران لقواعدها في الدول العربية لن يؤذيها كثيراً ، لأن أراضي الولايات المتحدة الأمريكية في منأى عن ساحة الحرب . والكيان الصهيوني ستكون أضراره محدوده سواء عسكرياً او مدنياً بسبب وجود الملاجيء التي لا نمتلكها نحن ، وبسبب القبة الحديدية المتطورة التي يمتلكها الكيان ، وبسبب الدفاعات الجوية الأمريكية المتطورة التي ستكون دفاعاتها محصورة بالدفاع عن الكيان الصهيوني ، وعن قواعدها . وبالتأكيد تطور الأسلحة الأمريكية سيقلل من خسائر الهجمات الايرانية لسببين أولهما : الإختراق الأمني الكبير ، حيث يعرف العدو كل شاردة وواردة في ايران ، وحتى تحركات كبار المسؤولين ، والدليل ما حدث البارحة واليوم من عدد القادة الذين تم اغتيالهم ، وكثافة النيران الأمريكية والإسرائيلية ، وتميزها بالتطور التكنولوجي ، أمام محدودية الدقة في إصابة الأهداف لدى الاسلحة الايرانية ، وثانيهما : جرأة الجيش الامريكي في المجابهة كون المعركة لا تحدث على ارضه .
أما الساحات العربية التي ستكون ميدان المعركة ، وخاصة الساحة الأردنية بالذات ، ستنفجر ، وتتساقط شظايا كافة الأسحلة من الثلاثة أطراف المتحاربة على رؤوسنا . فالطائرات الأمريكية التي ستسقط ، ستسقط على رؤوس الأردنيين . والصواريخ الأمريكية التي ستفجرها ايران في الجو قبل وصولها الاراضي الايرانية معظمها سيسقط على رؤوس الأردنيين . والطائرات الاسرائيلية التي ستسقطها ايران سيسقط اغلبها على رؤوس الاردنيين ، وكذلك الصواريخ الإسرائيلية التي ستسقطها ايران ستسقط على رؤوس الاردنيين . والطائرات والصواريخ الايرانية التي ستسقطها امريكا وايران ستسقط على رؤوس الأردنيين . يضاف الى ذلك ان الطيارين الامريكان والاسرائيليين سيقصفون الأهداف الايرانية عند عودتهم حتى لا تسقط الطائرات في الاراضي الايرانية المعادية وليتأكدوا من ان الطيارين سيسقطون في أراضٍ صديقة مثل الأردن .
ما يحدث سيكون مؤلماً حتى البكاء الهستيري . وها هي الحرب قد بدأها الكيان على ايران بهجومٍ مباغت عنيف أجهزت فيه على رئيس هيئة الأركان ، وقائد الحرس الثوري ، وأمين المجلس الأعلى القومي ، وقائد القوات الجوية ، وعدد كبير من القادة العسكريين وقادة سلاح الجو . كما تم تدمير مفاعل نطنز الأكبر والأضخم المستخدم لتخصيب اليورانيوم ، وقتل عدد كبير من العلماء والخبراء النوويين الإيرانيين . كما تم تدمير قواعد صواريخ بالستية ، ومطارات عسكرية ورادارات وغيرها .
من البديهي ، والمنطقي انه عند وقوع حرب كهذه بين امريكا والكيان من جهة وايران من جهة أخرى ، يفترض ان نكون نحن متفرجين كما الجالسين على ( اللوج ) في السينما . لأنه يفترض ان هذه الحرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل . ويفترض انها حرب لا تعنينا . كما يفترض ان تكون احتمالية وقوع الضرر علينا ، ووصول الضرر الينا نسبته ( صفر ٪ ) . لو كان لا يوجد لدينا قواعد امريكية بالذات وقواعد بريطانية ، وكندية ، وفرنسية ، واسترالية وغيرها .
أصبحنا نحن في الأردن ينطبق علينا المثل الشعبي الذي يقول ( مثل اللي جاب النيص ل ذرته ) . لا أدري لماذا أقحمنا أنفسنا بمشاكل ، وخلافات ، ونزاعات ، وصراعات ، وحروب تخوضها امريكا لا لشيء الا لتثبت ، وتثبِّت زعامتها للعالم والمحافظة على مصالحها .
ليس لنا مصلحة في زج انفسنا بين مخالب امريكا المسمومة المسنونة دوماً ، التي تعيش ، وتحيا ، وتكبر ، وتسيطر على العالم بإفتعال الحروب حتى تشغِّل مصانع اسلحتها ، وتفرض سيطرتها على العالم .
إيران لها مصالحها ، ومشاريعها وتدافع عنها بشراسة ، كما ان ذراعها السياسي ، وحنكتها السياسية ، وبراعتها في ادارة شؤونها وعلاقاتها الدولية يبرر لها خوض سجالات وصراعات وحروب مع امريكا . فيكفي ايران شرفاً انها تناضل ببراعة وحنكة ، وتتلاعب في امريكا واوربا منذ ثلاثة عقود للحصول على برنامجها النووي . وأنا أجزم انها امتلكته منذ بضع سنوات . وأراهن بعد ان بدأت الحرب وإشتعلت بأنها سوف تفاجيء العالم بامتلاكها سلاحاً نووياً فتاكاً .
كبار ، أقوياء ، يتصارعون بسبب تقاطع المصالح بينهم ، ما شأننا نحن !؟ ولماذا نزج بأنفسنا في أتون حربٍ ليس لنا فيها أية مصلحة !؟
ها هي الحرب قد اشتعلت ، وسنكون نحن
في الأردن تحديداً ساحتها ووقودها . وسوف تتساقط على رؤوسنا شظاياها ، وإذا تدخلت امريكا بشكل مباشر ، ستقصف ايران القواعد الأمريكية المتواجدة على الأراضي الأردنية ، وسوف يطال الدمار المنشآت والمباني المدنية الأردنية ، وستتضرر البنية التحتية المتهالكة أصلاً ، وسيسقط ضحايا من المدنيين الأردنيين ، عندها ماذا نقول لأهل من سيقتلون من الأردنيين ، وأي تبرير سنسوقه لهم ؟
حتى ننأى بأنفسنا ، وحتى لا نُقحم بلدنا في عداءات امريكا التي لا تنتهي ، والتي هي تصنعها وتخطط لها ، يفترض اننا اقنعنا امريكا بأن الأردن لا تصلح لإقامة قواعد امريكية لأسباب عديدة منها أسباباً جيوسياسية ، لأن الأردن لا يمتلك عمقاً جغرافياً لصِغرِ مساحته ، ثم بسبب عدائية شعوب المنطقة لأمريكا حيث ستكون القواعد الأمريكية تحت التهديد الدائم .
هل جَنت على نفسها براقش !؟ يفترض فينا ان نكون قد احترفنا ، بل امتهنا سياسة النأي بالنفس ، لنتجنب التورط في مخاطر ليس لدينا القدرة على التعامل معها .
هذه الحرب التي إشتعلت اليوم أرى أنها لن تُبقي ولن تذر . أرى انها حرب وجود ، وليست حرب تهديد . وستكون حرباً يكسبها
من يكون أكثر إيلاماً للطرف الآخر .
أعتقد ان ايران لا تريدها بالتأكيد ، لكنني أتوقع انها تُخفي مفاجأة عظيمة لم تدر في خُلد الطرفين الآخرين مطلقاً ، وستصعقهما بشن هجوم نووي يشل القدرات الذهنية قبل العسكرية .
ها هي الحرب قد إشتعلت ، ودارت رحاها بهجمات عنيفة ومؤذية جداً وما زالت مستمرة ، ولم ترد ايران للأن . ونحن نتضرع
للعلي القدير ان يكفي وطني الحبيب ذلك الشر المستطير . اللهم إحفظ الأردن من خطر داهم هو ورط نفسه فيه ( وهوه اللي جابه لحاله ) . وأختم وأقول : من لا يملك الحكمة يورط نفسه .