صراحة وزير- بقلم / حاتم الكسواني
منذ بدء الحرب الإيرانية الإسرائيلية حملت لنا في ثناياها حكايا وعبر .
حكايا وعبر لا بد لكل دولة أو تنظيم مقاوم أن يضعها في إعتباره وأن يراجع إجراءاته حتى لا يقع فيما وقع فيه الآخرون .
ويبرز على رأس هذه الحكايا ” قصص وحكايا ووقائع الجاسوسية ” التي تبين ضلوع دول عدوة عديدة في نسج خيوطها ضد مجتمعاتنا واجهزتنا النائمة والمسلمة لتطمينات الأعداء وأجهزة مخابراتها ، وآخر ما يذكر في هذا المجال ضلوع شركات استثمار هندية مرتبطة بالموساد الإسرائيلي للتجسس لصالح إسرائيل التي تقيم علاقات تعاون استراتيجي معها .
ونبدأ قبل الحرب الإيرانية الإسرائيلية بالحرب بين حزب الله وإسرائيل، حيث يؤدي طمع مسؤول أحيانا أو خيانته إلى تدمير تنظيمات أو تدمير أمن وسلامة وطن بأكمله …،ففداحة نتائج عملية البيجرز التي نفذت ضد عناصر حزب الله تدعونا للتدقيق الجيد بشخصية كل مسؤول في الأقسام المالية و في من يديرون اقسام العطاءات في هياكلنا التنظيمية ومؤسساتنا المالية إذ أدت الخيانة في هذه العملية إلى قتل وجرح الآلاف من مسؤولي ومقاتلي حزب الله اللبناني خلال لحظة واحدة في ظرف دقيق أثناء معركة المساندة لغزة من قبل الحزب .
وفي لبنان وبعدها في إيران وخاصة في الدول التي تعشعش فيها الطائفية مع غياب الشعور بالولاء والإنتماء للهوية الوطنية الجامعة … في مثل هذه الدول والمجتمعات وفي كل دولنا يجب على أجهزة المخابرات العامة التدقيق و إعادة التدقيق بالشخصيات الشاغلة للمواقع الحساسة والشك الدائم بإحتمال حدوث إختراقات أمنية الأمر الذي يدعوها إلى تأسيس أجهزة سرية موثوقة جدا لمراقبة اداء أجهزتها الأستخبارية.
وحيث ثبت بأن الفقر والحاجة الملحة للمال ورفع معدلات الدخل لعامة الناس وللمستخدمين وخاصة كبار المستخدمين منهم هي الدافع الأول للوقوع في حبائل شبكات التجسس ، فعلى دولنا التي يعاني مواطنوها من تدني معدلات الرواتب والأجور ومن البطالة والفقر أن تعمل ما تستطيع لمواجهة مشاكل الفقر والبطالة وتدني معدلات الرواتب والأجور وتشديد عقوبة الخيانة الوطنية إلى أقصى حد ممكن .
وفي الحرب الإيرانية الإسرائيلية واجه الإيرانيون من نجاح عملية تتبع قادتها وعلمائها وقتلهم ، حيث تبين بأن ذلك تم عن طريق زرع شرائح تتبع في جوازات السفر التي تصرفها إيران لمواطنيها وهنا يبرز مرة أخرى امر أهمية التدقيق بسلامة كل السلع والوسائل الإدارية التي نصنعها بالخارج أو نستوردها منه .
ومن خلال تتبع تطور المعركة بين الإسرائيليين والأيرانيين نكتشف أهمية أنتاج إحتياجاتنا التسليحية ذاتيا واهمية خلق توازن للقوة بيننا وبين عدونا ما امكننا ذلك … حيث نجحت إيران ببث روح الرعب بين أبناء المجتمع الإسرائيلي بعد استيعابها للضربة الأولى وبدء عملية تدميرها للمواقع العسكرية والإستراتيجية الإسرائيلية بشكل تصاعدي وباسلحة صاروخية إيرانية منتجة محليا ومتطورة جدا من حيث فاعليتها وقوتها التدميرية .
ايضا فإننا من خلال تتبع حكايا الحرب ووقائعها اكتشفنا كيف ان رفع كلفة المعركة على المجتمع الإسرائيلي من خلال ضرب مفاصل الكيان الغاصب ومؤسساته العسكرية والامنية والإقتصادية قد خلق حالة من التوتر بين الإسرائيليين الذين يدركون بأنهم قد استدرجوا وزين لهم العيش في وطن مسروق وبين عناصر حكومتهم فبدأنا نشهد حالة من الهروب من إسرائيل بأية وسيلة وأي ثمن …. بمعنى انه لابد دائما أن نعمل بفعل المقاومة الشديدة على رفع الكلفة .. كلفة الإحتلال وكلفة الحرب .
وتقول لنا حكايا الحرب ووقائعها ضرورة عدم انتظار تلقي الضربة الأولى بل السعي للمبادئة والمفاجئة في القيام بالضربة الأولى التي تربك العدو ، كما تم في هجوم حماس على القوات والمستعمرات الإسرائيلية في غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر المجيد .
ومن تجارب الحرب نتعلم عدم الأمان للنوايا الأمريكية والاوروبية مهما أطلقوا من رسائل التطمين و التأييد لان الوجود الإسرائيلي هو مشروعهم في منطقتنا وهم ملتزمون بأمن إسرائيل وتفوقها العسكري على باقي دول المنطقة مهماخادعوا وحاولوا إخفاء ذلك … ظهر ذلك جليا بعد تصريحات ماكرون و المسؤولين الامريكان والإنجليز الذين اكدوا إلتزامهم بأمن إسرائيل وإستعدادهم للمشاركة بهجومها غير المشروع على البرنامج النووي الإيراني.
ويجب أن لا ننسى بأننا مراقبون من قبل أقمار التجسس الأمريكية والغربية وأجهزة الكمبيوتر الثابتة واللوحية و اجهزة الهواتف النقالة ومنصات التواصل الإجتماعي وكاميرات التتبع الوطنية التي يمكن إختراقها من قبل محترفي السيطرة على مواقع المعلومات وشبكاتها ” الهكرز ” حيث أنها كلها أدوات للتجسس والإختراق والتتبع لصالح إسرائيل يزودها بسيل من الوقائع المعلوماتية … وعليه فلابد لنا من حماية شبكاتنا العنكبوتية إن إستطعنا أو اللجوء لتمويه كل حركاتنا وتحركاتنا .
في هذه الحرب تبين بأن إيران كانت قد اعدت العدة والعتاد والاستعداد ، وأن لديها بنك أهداف لتضربها في إسرائيل ، وهذا امر ضروري بأن تراقب عدوك وتعرف كل شيء عنه حتى لا تكون المعركة غير متوازنة ومسيطر عليها من طرف واحد
وتعلمنا تجارب وحكايا الحرب ووقائعها بأن الركون إلى قوة الولاء الطائفي يضعف ولا يقوي وهذا يفسر كيف ان إيران وجدت نفسها وحيدة في هذه المعركة نتيجة سياسات محاولة الهيمنة التي اعتمدتها سابقا للسيطرة على الساحات الضعيفة والتي فيها ولاءات طائفية بينما نكتشف بأن الأصل تشكيل حلف عربي إسلامي من الدول المنطقة على مبدأ الدفاع عن وجودها ومقدساتها ورفاه مجتمعاتها
ولأن موروثنا الثقافي يعلمنا بان في الاتحاد قوة نكتشف ونتعلم أن لانغفل عن أهداف العدو الذي تمكن كما يقول نتنياهو من فكفكة الوطن العربي حيث قال :
في عام 48 كان الوطن العربي موحدا فعملنا على تفكيكه دولة دوله
بمعنى أن إسرائيل تفردت بأقطار الوطن العربي وفككتها واحدة تلو الأخرى اخلاقيا وإقتصاديا وعسكريا وذلك بدفعها إلى تبني مفهوم القطرية تحت شعار ” تونس اولا .. مصر أولا…. وفي كل بلد عربي .
بقي ان نقول بأن وقائع الحرب وحكاياها أثبتت تفوق إسرائيل بسلاح جوها المتطور … وعليه فمن الحكمة بعد اليوم ان تعمل دولنا على بناء أسلحة جو قوية تتوازن في قوتها مع سلاح الجو الإسرائيلي وتملك القدرة على ردعه في أي معركة قادمة … فالحرب مع الكيان الصهيوني لن تنتهي إلا بالحسم المتمثل بهزمه و إخضاعه … وياحبذا القضاء عليه وإخراجه من منطقتنا .
كثير يمكن ان يقال في هذا المجال ، فنحن مشكلتنا في حكايتنا … وحكايتنا اننا لا نقرأ الأيام .. وإذا قرأناها لا نتعلم منها ، ولا نعتبر … وحيث نقف كأمة على حافة الهاوية.. وأننا إذا لم نتدارك انفسنا ونتحد فإننا بفرقتنا سنهوى منها نحو درك سحيق.
لكن أملنا هذه المرة أن نكون قد تعلمنا من حكايا الحرب و ا ن نعتبر منها وأن تبدأ بتصحيح أخطائنا