صراحة نيوز- قال البروفيسور محمد علي الفرجات، أستاذ الجيولوجيا في جامعة الحسين بن طلال وعضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سابقًا، والمهتم بالشأن التنموي والاقتصادي، إن المواطن الأردني قد تحمل فوق طاقته خلال السنوات الماضية، نتيجةً لتبعات الربيع العربي، وجائحة كورونا، والحرب في غزة، وتداعيات الصراع الإيراني الإسرائيلي، والضغوط الاقتصادية المتراكمة، والتي انعكست على قدرته المعيشية، وزادت من معدلات الفقر والبطالة والطلاق، وعزوف الشباب عن الزواج، وتآكل الطبقة الوسطى.
وأوضح الفرجات أن توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني الأخيرة للحكومة، برئاسة الدكتور جعفر حسان، لبحث كل أسباب وسبل التخفيف عن المواطن، تمثل فرصة لوضع حلول عملية وجذرية، مبنية على أسس اقتصادية واقعية، ومن هنا يقترح مبادرة وطنية قابلة للتنفيذ، عنوانها “المصالحة المالية الوطنية”، وممولة بالكامل من عوائد بيع أراضٍ في المدينة الجديدة شرق العاصمة عمان.
تنظيم 100 ألف قطعة أرض بأصناف متعددة وعوائد متوقعة بـ3 مليار دينار
وبيّن الفرجات أن المشروع المقترح يتضمن تنظيم وتخطيط 100 ألف قطعة أرض في المدينة الجديدة، على المخططات الرسمية، بمساحات وتصنيفات مختلفة تشمل: سكني، إسكانات، تجاري، خدمي، صناعي، وسياحي.
وقال إن بيع هذه الأراضي على مدى خمس سنوات، وبأسعار معقولة ومدروسة، سيُحقق عوائد تقدر بنحو 3 مليار دينار أردني، يتم توجيهها ضمن خطة وطنية منضبطة لمصالح الدولة والمواطن.
المصالحة المالية: إنفراج نفسي وتخفيف للعبء عن الأسر
وشدد الفرجات على أن الجزء الأهم من هذه العوائد يُقترح تخصيصه لمبادرة مصالحة مالية وطنية يطلقها جلالة الملك، تستهدف المواطنين المثقلين ماليًا، ممن حُجزت ممتلكاتهم أو رواتبهم لصالح شركات الكهرباء والمياه والضريبة والضمان والقروض والنساء الغارمات والمتعثرين مالياً.
وقال إن هذه المصالحة يجب أن تكون وفق ضوابط ومعايير شفافة ومدروسة، تضمن العدالة وتحقيق الانفراج، وتعيد الثقة بين المواطن والدولة، وتُساهم في تحسين الدورة الاقتصادية من خلال ضخ السيولة في الأسواق.
البنى التحتية من عوائد البيع ورسوم الترخيص
وأشار الفرجات إلى أهمية تخصيص جزء آخر من العوائد لرفد مساحات الأراضي المباعة بالبنى التحتية، مثل شبكات المياه، الكهرباء، الصرف الصحي، والطرق، ضمن خطة متدرجة تمتد لعشر سنوات، وبتمويل جزئي أيضًا من عوائد ورسوم الترخيص والأبنية المستقبلية.
وقال إن المشروع سيُحقق عدداً من الأهداف المتوازية: تخفيف الضغط السكاني عن عمان، خلق فرص عمل جديدة، تنشيط قطاع المقاولات والنقل ومواد البناء، وتحريك الصناعات المرتبطة بها، وتحقيق بيئة عمرانية نظيفة تسهم في الحد من التلوث والتغير المناخي.
مدينة ذكية تقود المال والأعمال وصناعات المستقبلغ
وأضاف الفرجات أن إطلاق هذه المدينة بمقومات حديثة وذكية سيمنح الأردن منصة جديدة لتكون مركزاً للمال والأعمال، ومحفزاً لصناعات المستقبل والابتكار، خاصة إذا تم ربطها بالبنية التحتية الرقمية والتعليم التقني والريادة.
القرى الإنتاجية في البادية: مليار دينار للتوزيع المتوازن للتنمية
وأكد الفرجات أهمية توسيع دائرة العوائد لتشمل المناطق الطرفية، مشيراً إلى مبادرته السابقة حول القرى الإنتاجية في شرق المملكة والبادية الأردنية.
واقترح الفرجات تخصيص مليار دينار من عوائد الأراضي لإنشاء قرى نموذجية تعتمد على الطاقة الشمسية والمياه الجوفية العميقة المعالجة والزراعة الحديثة، بما يعزز الأمن الغذائي ويخلق فرص عمل ويعيد التوازن التنموي ويُحيي الريف والبادية كبيئة إنتاج مستدام، ويحد من أسباب الهجرة المناخية من البوادي والأرياف والقرى للمدن الكبرى.
مقترح توزيع العوائد المالية المتأتية عن مبيعات الأراضي:
1 مصالحة مالية وطنية للمواطنين المثقلين 1,200,000,000 دينار
2 إنشاء البنية التحتية (مياه، كهرباء، صرف صحي، طرق) 800,000,000 دينار
3 دعم القرى الإنتاجية في شرق المملكة والبادية 1,000,000,000 دينار
المجموع 3,000,000,000 دينار
وختم الفرجات حديثه بالتأكيد على أن المشروع المقترح يحقق التكامل بين العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والعمران الحديث، داعيًا إلى حوار وطني حول آليات التنفيذ، وإشراك كافة الجهات ذات العلاقة، من نقابات ومؤسسات مجتمع مدني ومغتربين، لضمان ملكية وطنية جماعية لهذه المبادرة.