ترامب يحشد الانتصارات قبيل صيف حاسم وسط جدل داخلي وتحديات قانونية

6 د للقراءة
6 د للقراءة
ترامب يحشد الانتصارات قبيل صيف حاسم وسط جدل داخلي وتحديات قانونية

صراحة نيوز- شهدت الأسابيع الأخيرة سلسلة من الانتصارات المتلاحقة التي عززت من وتيرة تحرك دونالد ترامب وفريقه نحو إعادة تشكيل السياسة الأمريكية بشكل جذري، داخليًا وخارجيًا، مع اقتراب صيف حاسم.

فمن حكم بارز للمحكمة العليا، وقمة ناجحة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى وقف إطلاق نار يبدو متماسكًا بين إيران وإسرائيل، واتفاق سلام في إفريقيا، وعودة قوية لسوق الأسهم، إلى جانب صفقة تجارية مهمة مع الصين – كلها عوامل تضافرت لتمنح ترامب دفعة سياسية قوية، حتى في ظل تراجعه ببعض استطلاعات الرأي، بحسب ما أوردته مجلة “نيوزويك” الأمريكية.

أبرز تلك التطورات تمثل في قرار حاسم أصدرته المحكمة العليا يوم الجمعة الماضي، يقضي بالحد من صلاحيات القضاة الأفراد في إصدار أوامر قضائية على مستوى البلاد، وهو ما اعتبره ترامب “انتصارًا هائلًا”، يمهد الطريق أمام إدارته لإعادة تفعيل سياسات مثيرة للجدل، منها إلغاء حق المواطنة بالولادة.
وقد صدر القرار بأغلبية 6 أصوات مقابل 3، ما يمثل تحولًا كبيرًا في كيفية تعامل القضاء مع الطعون ضد السلطة التنفيذية، ويعزز انتقادات ترامب المستمرة لما يصفه بتجاوزات قضاة المقاطعات لصلاحياتهم. ورغم أن القرار لم يبتّ بدستورية إنهاء حق المواطنة بالولادة، فإنه يفتح المجال لمراجعة هذا الملف على أساس كل حالة على حدة.

في أعقاب هذا الحكم، استضاف ترامب قادة جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا في البيت الأبيض، لتوقيع إطار اتفاق سلام بين البلدين الأفريقيين، في خطوة تهدف إلى إنهاء صراع دام عقودًا.

أما في الشرق الأوسط، فقد صمد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران – والذي توسط فيه ترامب شخصيًا – رغم الجدل الدائر. وقد كشف مسؤولون أمريكيون عن تفاصيل تدعم رواية ترامب بأن الضربات الأمريكية استهدفت بنية تحتية رئيسية في البرنامج النووي الإيراني.
وفي قمة الناتو التي انعقدت في لاهاي، صرّح ترامب بأن “الضربة كانت مدمّرة وصادمة”، متحديًا التقارير الاستخباراتية التي أشارت إلى تأثير محدود للغارات.

ورغم الانتقادات التي وُجهت له، لا سيما من مشرعين ديمقراطيين لعدم استشارة الكونغرس قبل الهجوم، فإن وقف إطلاق النار منح ترامب انتصارًا دبلوماسيًا محدود الأمد.

على الصعيد الاقتصادي، تفاعلت الأسواق بإيجابية مع هذه التطورات، حيث أغلق مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” عند مستوى قياسي جديد، مدفوعًا بتفاؤل المستثمرين تجاه خطط الإدارة التجارية والضريبية. كما حققت الحزمة الاقتصادية – التي تتضمن تقليصات كبيرة في برامج المساعدة الغذائية وغيرها من البرامج الحكومية – تقدمًا في مجلس الشيوخ، بعد اجتيازها عقبات إجرائية.

من ناحية أخرى، أعلن ترامب عن التوصل إلى اتفاق طال انتظاره مع الصين، يسمح باستئناف تصدير المعادن الأرضية النادرة، الضرورية لصناعة التكنولوجيا الأمريكية.

داخليًا، أتاح صعود زهران ممداني، الاشتراكي الديمقراطي الذي هزم أندرو كومو في الانتخابات التمهيدية لعمدة نيويورك، فرصة سياسية لترامب. فقد وظفت وسائل الإعلام المحافظة فوز ممداني كمؤشر على تزايد “التطرف” داخل الحزب الديمقراطي.
وقال نائب الرئيس جيه دي فانس: “سيُرشّحون أكثر الشخصيات تطرفًا في البلاد لأكبر مدينة فيها”، واصفًا ذلك بأنه “تناقض مثالي”.
وبدأت الجماعات المحافظة بتداول مقاطع سابقة لممداني، بينما ألمح ترامب إلى استغلال مواقفه لإحراج الديمقراطيين في انتخابات 2026.

وخلال تجمع انتخابي في أوهايو، صرح ترامب: “الديمقراطيون باتوا تحت سيطرة الاشتراكيين والمحتالين… إذا أحببت الفوضى والمدن غير الآمنة، ستحب ممداني”.

وفي قمة الناتو بهولندا، سجل ترامب إنجازًا آخر في السياسة الخارجية، حيث وافق الحلفاء على زيادة كبيرة في أهداف الإنفاق الدفاعي، وصولًا إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، وهو مطلب ظل يردده ترامب منذ دخوله المعترك السياسي قبل عقد.
وأشاد الرئيس البولندي أندريه دودا بالدور القيادي لترامب، واصفًا الاتفاق بأنه ما كان ليتحقق لولا دعمه. كما رأت وسائل إعلام هولندية أن الاتفاق يمثل “نهضة للناتو”، ووافقها الرأي حتى بعض المتشككين مثل الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، الذي وصف الخطوة بأنها “نصر كبير لترامب ولأوروبا”.

واختتمت القمة بإعلان ترامب أن الشركاء الدوليين بدأوا أخيرًا بتحمل “نصيبهم العادل” من أعباء الدفاع. وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون: “لن تكون هناك امتيازات مجانية بعد اليوم، ولن يُستخدم دافعو الضرائب الأمريكيون كبنك عالمي. هذه هي بصمة ترامب”.

ورغم هذه النجاحات، واجهت إدارة ترامب موجة من الانتقادات القانونية والسياسية. فقد أمر قاضٍ في نيوارك بالإفراج عن محمود خليل، خريج جامعة كولومبيا والمقيم القانوني، بعد احتجازه 104 أيام بتهمة نشر معاداة السامية بسبب دعمه للقضية الفلسطينية، وهو ما لم يُثبت قانونيًا.

وفي خسارة قضائية أخرى، أمر قاضٍ في ناشفيل بالإفراج عن رجل سلفادوري يُدعى كيلمار أبريغو غارسيا، تم ترحيله ظلمًا في مارس الماضي.

كما ناقض تقرير استخباراتي أمريكي مسرب تصريحات ترامب حول نتائج الغارات الجوية على إيران، حيث أشار التقييم إلى أن الأثر كان محدودًا، وأن المواقع النووية الحيوية لم تُدمر.

في الوقت ذاته، أظهرت استطلاعات رأي أجرتها مؤسسة مقربة من الإحصائي نيت سيلفر تراجعًا في التأييد الصافي لترامب في قضايا محورية: التضخم (-22.6%)، التجارة (-14.7%)، الاقتصاد (-13.4%)، وحتى الهجرة، التي كانت من أبرز نقاط قوته، انخفضت إلى (-3.7%)، بعد موجة انتقادات لسياسات إدارة الهجرة والجمارك.

 

Share This Article