صراحة نيوز- في مشهد يتكرر يوميًا في منازل كثيرة، تروي “ريم”، وهي أم لفتاة مراهقة، كيف تثير ملامح ابنتها الصباحية دهشتها: قصة شعر غير مألوفة، ملابس فضفاضة أو ممزقة، وغرة قصيرة جدًا، مع حقيبة تبدو متّسخة عن قصد. تقول ريم: “لم أعد أفهم هذه الأزياء. هل هذا موضة فعلاً؟”.
هذا التساؤل لا يخص ريم وحدها، بل بات مشتركًا بين كثير من الأهالي في ظل انتشار نمط جديد من الأزياء بين أبناء “جيل زد” – الجيل المولود بين منتصف التسعينيات ونهاية العقد الأول من الألفية الثالثة – الذين يتخذون من مظهرهم وسيلة جريئة للتعبير عن الذات، في زمن تهيمن فيه الصورة والهوية الرقمية على تفاصيل الحياة اليومية.
“الموضة القبيحة” وتيار المناهضة للجمالية
تحت مسمى “Uglycore”، تتبنى هذه الموضة عناصر كانت تُعد سابقًا قبيحة أو غير أنيقة، مثل السراويل الممزقة، والألوان غير المتناسقة، والملابس الفضفاضة. ويرتبط هذا الاتجاه بما يُعرف بـ”Anti-Aesthetic” أو “مناهضة الجمالية”، وهي حركة فنية وثقافية ترفض القوالب التقليدية للجمال، وتعتبر أن الجاذبية لا يجب أن تكون شرطًا للقيمة.
وتُعد هذه الأزياء في نظر شباب جيل زد شكلًا من أشكال المقاومة والتعبير عن التفرّد، وحتى عن المواقف السياسية والبيئية، خاصة مع الإقبال المتزايد على الملابس المعاد تدويرها والمستعملة، كجزء من التزام هذا الجيل بالاستدامة والأخلاقيات البيئية.
خلفيات اجتماعية ونفسية
يرى مختصون أن تبني “الموضة القبيحة” لا ينفصل عن سياق اجتماعي ونفسي أوسع، حيث نشأ جيل زد في أجواء مشحونة بالأزمات، مثل جائحة كوفيد-19، والتضخم الاقتصادي، والتوترات السياسية العالمية. وقد ساهمت هذه الظروف في تعزيز شعورهم بعدم الاستقرار، وفي السعي لخلق هوية خاصة خارج الأطر التقليدية.
كما شكلت فترة العزل خلال الجائحة فرصة لهؤلاء الشباب للتجريب بعيدًا عن أعين المجتمع، مما ساعد في تغيير معايير الأناقة نحو راحة أكبر وتحرر من التصنيفات. على سبيل المثال، ارتفعت مبيعات شركة “كروكس” للأحذية المطاطية المريحة بنسبة 10% خلال فترة الجائحة، في مؤشر على تغير الأولويات في عالم الموضة.
بين الفهم والرفض
ورغم أن هذه الصيحات قد تثير حيرة أو رفضًا لدى بعض الأهل، فإنها تعكس تحولًا أعمق في فهم الجمال، وتأكيدًا من هذا الجيل على حقه في تشكيل هويته البصرية كما يراها هو، لا كما يفرضها الآخرون.
–