لماذا نعود أحيانًا إلى من كسر قلوبنا؟

4 د للقراءة
4 د للقراءة
لماذا نعود أحيانًا إلى من كسر قلوبنا؟

صراحة نيوز- بخطى متثاقلة ودموع تنهمر بصمت، أنهت يانز (28 عامًا) علاقتها مع جورج، بعد محاولتين فاشلتين للصلح خلال شهرين فقط. هذه المرة، كما تقول، كانت الأخيرة. ورغم شعورها بالارتياح لأنها حسمت القرار، كان قلبها مكسورًا.

تقول يانز: “كنت أفتقده كثيرًا، وتغمرني الذكريات، لذلك عدت إليه مرتين، لكن طباعنا لم تتغير. هذه المرة حذفته من كل حساباتي وأيقنت أن النهاية حتمية”.

لكن تجربة يانز ليست استثناء. دراسات عديدة كشفت أن الحنين إلى الشريك السابق بعد الانفصال ظاهرة شائعة. ففي دراسة أمريكية، أفاد نحو ثلث طلاب الجامعات بأنهم مروا بعلاقات متقطعة، تكررت فيها محاولات الانفصال والعودة. وذكر نصفهم أنهم استمروا بعلاقات حميمية حتى بعد الانفصال.

كما أظهرت دراسة نُشرت عام 2013 أن أكثر من ثلث الأزواج الذين يعيشون معًا، وخُمس المتزوجين، خاضوا تجربة الانفصال ثم العودة مرة أخرى.

الدماغ بعد الانفصال: احتجاج وإدمان

تشرح عالمة الأعصاب هيلين فيشر من معهد كينسي أن الانفصال يفعّل مناطق في الدماغ تشبه تلك المرتبطة بالإدمان. أجرت فيشر دراسة على 15 شخصًا رُفضوا مؤخرًا في علاقات عاطفية، ولاحظت نشاطًا في مناطق مرتبطة بالمكافأة والخسارة والحنين والتعلق العاطفي، خاصة عندما رأوا صور شركائهم السابقين.

تقول: “الحب لا ينتهي بالرفض. بل في بعض الحالات، تزداد المشاعر عمقًا. الطرف المرفوض قد يصبح أكثر تعلقًا بالشخص الذي تركه”.

وتضيف أن هذه المشاعر تُغذى بارتفاع إفراز الدوبامين والنورإبينفرين، وهما مرتبطان بالضغط النفسي والانجذاب العاطفي، مما يُفسّر السلوكيات العاطفية المبالغ بها بعد الانفصال، مثل التوسل أو الملاحقة.

الحنين والوحدة… دافع خفي للعودة

البعض يعودون لشركائهم السابقين بدافع الحنين أو الخوف من الوحدة. وتوضح كريستين مارك، أستاذة الصحة الجنسية بجامعة كنتاكي، أن كثيرين يحنّون للجانب الإيجابي في العلاقة، حتى وإن كانت مؤذية، خوفًا من العزلة.

وتدعم دراسة حديثة هذا الطرح، إذ وجدت أن الشعور بالخوف من العزوبية يزيد من الحنين والرغبة في العودة.

هل تُسهّل السوشال ميديا الرجوع؟

يرى الدكتور غيل سالتز، أستاذ الطب النفسي، أن وسائل التواصل الاجتماعي تعيق نسيان الشريك السابق، إذ تتيح مراقبة أخباره وصوره، مما يُصعّب طي صفحة العلاقة.

وتُلاحظ بيريت بروغارد، أستاذة فلسفة العواطف، أن أبناء “جيل الألفية” و”الجيل زد” أكثر عرضة لسلوكيات انفصال سلبية، مثل “الاختفاء” المفاجئ و”التعقب الرقمي”، مشيرة إلى أنهم يعانون من مستويات أعلى من القلق والاكتئاب، ويسعون باستمرار إلى القبول الاجتماعي.

هل يساعد مدربو العلاقات؟

مع تزايد الحاجة إلى دعم نفسي بعد الانفصال، ظهرت موجة من “مدربي العلاقات”، يقدمون نصائح لإعادة العلاقات أو تجاوزها، بعضها يحقق ملايين المشاهدات.

لكن بروغارد تحذّر من الاعتماد على هذه النصائح العشوائية، إذ أن معظم هؤلاء المدربين يفتقرون إلى تأهيل علمي في مجالات علم النفس أو الأعصاب.

وتنصح بدلاً من ذلك باللجوء إلى مصادر موثوقة وقراءة كتب علمية حول العلاقات العاطفية والانفصال.

الشفاء… رحلة طويلة لكن ممكنة

ينصح خبراء بعدم التواصل مع الشريك السابق لفترة لا تقل عن 30 إلى 60 يومًا، للسماح للدماغ بالتعافي من “إدمان العلاقة”. وتشدد فيشر على أن التعافي يشبه الإقلاع عن الإدمان، ويحتاج إلى قطع كل الروابط.

ورغم الألم، تؤكد فيشر أن هناك ضوءًا في نهاية النفق: “صحيح أن القلب المكسور لا ينسى، لكنه يتعافى… وفي نهاية المطاف، ستحب من جديد”.

Share This Article