صراحة نيوز- “بكيت عندما وصلتني أخبار سيئة من المنزل، وغادرت العمل فوراً”… هكذا تروي كلارا، البالغة من العمر 48 عاماً من لانكستر، لحظة انكسارها تحت ضغط العمل والظروف الشخصية.
تتذكر كلارا أنها لطالما كانت عاطفية، سواء عند تخرجها وتعرضها لانتقادات حادة، أو بعد سنوات حين داهمها الإحباط.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يُعدّ البكاء في بيئة العمل ضعفاً يجب إخفاؤه، أم أنه تعبير إنساني مشروع وربما حتى دليل قوة؟
اللافت أن دموع وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، داخل البرلمان، هزّت الأسواق المالية ورفعت تكلفة الاقتراض الحكومي، في مشهد أثار جدلاً واسعاً وتصدر العناوين.
ومع أن دموعنا العادية في المكتب لا تُحرّك الأسواق، إلا أن تجارب عدة تؤكد أن البكاء ليس غريباً عن بيئة العمل، بل قد يكون وسيلة لتفريغ المشاعر والتعبير عن الصدق الإنساني.
الدموع خلف المكاتب
كلارا لم تكن الوحيدة. إيما، موظفة أخرى تعمل في بيئة “صعبة وذكورية”، شعرت أنها مجبرة على كبت مشاعرها خوفاً من أن تُفهم بشكل خاطئ، وتقول إنها كثيراً ما لمت نفسها لمجرد أنها أظهرت عواطفها.
رغم أن الدراسات تشير إلى أن النساء أكثر عرضة للبكاء، إلا أن العديد من الرجال أيضاً اعترفوا بأنهم بكوا في العمل. الطبيب جاي كلايتون مثلاً، تحدث عن لحظات بكاء صادقة مرّ بها مع مرضى وزملاء، بينما قال موظف في مجال التمويل إنه شعر بالفخر عندما بكى خلال أزمة شخصية، لأنه بقي مهنياً رغم الظروف.
دموع لا تعني الهشاشة
تؤكد المدربة والمرشدة شيرين هوبان أن اعتبار البكاء تصرفاً غير احترافي أصبح أمراً من الماضي، وتقول: “الذكاء العاطفي اليوم يُعتبر قوة، وليس ضعفاً”.
وتوافقها الرأي مدربة التطوير الوظيفي جورجيا بلاكبيرن، التي ترى أن دعم الموظفين في الأوقات العصيبة يعزز إنتاجيتهم وولاءهم، مشددة على أهمية تعاطف المديرين وإصغائهم الحقيقي.
بكاء بلا ندم
أماندا، من ستوكبورت، تروي أنها بكت خلال مقابلة عمل بعد تلقي خبر إصابة والدها بمرض خطير، لكنها حصلت على الوظيفة واستمرت فيها لسنوات، وشعرت بتقدير كبير من مكان عملها الذي سمح لها بأن تكون على طبيعتها.
أما مصممة الأزياء إيمي باوني، فقد واجهت فترة صعبة عندما استقالت من عملها ومرت بظروف شخصية مؤلمة، فتقول: “كنت أبكي في كل مكان، حتى على المسرح”. لكنها اليوم تدعو إلى “إعادة البكاء”، وترى فيه قوة حقيقية، خصوصاً للنساء في مواقع القيادة.
أفكار لا تزال عالقة
ورغم كل ذلك، لا يزال بعض المدراء يعتقدون أن البكاء في العمل يُضعف صورة الموظف. آن فرانك من معهد الإدارة المعتمد، توضح أن النساء يوصفن بأنهن “عاطفيات جداً”، بينما يُنتقد الرجال إذا أظهروا حزنهم.
وتُضيف أن الموظفين في المناصب الصغيرة قد يُسمح لهم بإظهار العاطفة أكثر من القادة، رغم أن بكاء المسؤول، عندما يكون صادقاً، يمكن أن يكون مؤثراً ويُظهر إنسانية القيادة.
لكن شيرين هوبان تحذر من أن بعض المؤسسات لا تزال ترى في البكاء ضعفاً، وقد يؤثر ذلك على فرص الترقية. مع ذلك، تؤكد أن انهياراً عاطفياً واحداً لن يدمّر مسيرتك، فالأهم هو الأداء، والحضور، والقدرة على النهوض مجدداً.
إذا بكيت في العمل؟
-
امنح نفسك لحظة للتنفس والراحة.
-
لا تخف من مشاعرك، فهي علامة على اهتمامك الحقيقي.
-
تحدث مع شخص موثوق، أو اطلب دعم مديرك.
-
أما الزملاء والمدراء، فعليهم أن يظهروا التعاطف، ببساطة: قدم منديلاً ولا تتجاهل ما يحدث.