مكتب جلالة الملك وأهمية إستحداث دائرة تواصل للأفكار التنموية الوطنية

4 د للقراءة
4 د للقراءة
مكتب جلالة الملك وأهمية إستحداث دائرة تواصل للأفكار التنموية الوطنية

صراحة نيوز- كتب أ.د. محمد الفرجات

يُعد مكتب جلالة الملك الواجهة الإدارية والتنظيمية العليا المرتبطة مباشرة بالقائد الأعلى، حيث يُناط به تنسيق المراسلات والملفات الوطنية، ومتابعة المبادرات والمطالب، وتمثيل جلالة الملك في استقبال الأفكار والطروحات من مختلف القطاعات. ولما كانت المرحلة الحالية دقيقة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، فإن تعزيز هذا الدور – لا سيما في ما يتعلق بالاستماع لصوت الخبراء وأصحاب المبادرات من أبناء الوطن – بات أمرًا ضروريًا لمنع أي حالة احتقان ناتجة عن التهميش أو الإقصاء غير المبرر.

وفي ظل التحديات العاصفة التي تمر بها المملكة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، تزداد الحاجة إلى احتضان الأفكار الوطنية والمبادرات الواقعية الواعدة. فالأردنيون – من مختلف مواقعهم – يختزنون قدرًا كبيرًا من الفكر والخبرة والحلول، التي قد تكون مفاتيح لمستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا. غير أن صدّ هذه الأفكار، أو تجاهل أصحابها، لا يؤدي سوى إلى الإحباط والاحتقان، وهدر الطاقات في لحظة نحن بأمسّ الحاجة فيها لكل عقل مخلص ولكل رؤية ناضجة.

أحيّي معالي السيد يوسف العيسوي، رئيس الديوان الملكي الهاشمي، الذي جعل وبتوجيهات ملكية من الديوان منبرًا مفتوحًا أمام أبناء وفعاليات وعشائر الوطن من محافظاته وألويته ومدنه وقراه وبواديه ومخيماته، واستمر في نهج الانفتاح والتواصل الحقيقي.

كما أحيّي دولة الدكتور جعفر حسان، الذي لم يغلق بابه يومًا في وجه أي فكرة، وكان دائم الاستماع للمبادرات. وأشكر دائرة المخابرات العامة، وسائر مؤسساتنا الأمنية، التي تتعامل مع المواطنين بوعي واحتواء وطني راقٍ، ولا تغلق قنوات التواصل. ولا يفوتني كذلك الإشادة بعطوفة الدكتور زيد بقاعين، مدير مكتب سمو ولي العهد، الذي يمثل نموذجًا مشرفًا في استقبال المبادرات والأفكار بعقل منفتح وحرص وطني.

لكن، وبكل محبة وغيرة على هذا الوطن، أجدني أعتب – وبشدة – على بعض المكاتب المحيطة بجلالة الملك، وتحديدًا مكتب جلالته، الذي يُفترض أن يكون أول أبواب الوطن المفتوحة. فمن غير المقبول أن يُقصى صاحب فكرة أو يُحظر من التواصل لمجرد إرساله رسالة واتساب تتضمن طرحًا وطنيًا بنّاءً. ولا يصح أن تُغلق الأبواب في وجه من يريد الخير، فقط لأن موظفًا – مهما علت درجته – اختار أن يضيق صدره عن تلقي الأفكار!

لقد عملت وأعمل أيضا في عدة مواقع خدمية وتنموية وتعليمية، وكنت وما زلت دائمًا أستمع للجميع، وأمنح الوقت لكل رأي وفكرة، لأنني مؤمن بأن الحلول لا تأتي بالضرورة من مراكز النفوذ وحدها، بل كثيرًا ما تنبع من القواعد، من الميدان، من المواطن البسيط الذي يقرأ الواقع بصدق ويشعر بحرارة التحديات.

وإنني، وقد تشرفت بلقاء جلالة الملك ومجالسته ومحادثته في محطات عديدة، أعلم يقينًا أن جلالته صاحب قلب مفتوح وعقل منفتح، وأنه الأقرب لشعبه ونبضه، والأحرص على الاستماع لأفكارهم.

من هنا، فإنني أوجّه نداءً وطنيًا مخلصًا لسيد البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، بأن يتم استحداث دائرة متخصصة داخل مكتب جلالته، تُعنى باستقبال أفكار الأردنيين وتحليلها بجدية، ومن ثم التوصية بتنفيذ ما هو واقعي وواعد منها، بعيدًا عن المزاجية أو الانغلاق، وبما يليق بالرؤية الهاشمية التي تؤمن بالمواطن شريكًا لا تابعًا.

إن هذه الدائرة، إن أُنشئت، ستكون صمّام أمان فكري، وقناة تواصل مؤسسي تُحصّن القرار الوطني، وتفتح أبواب الأمل من جديد، وتمنح الناس شعورًا بأن صوتهم مسموع، وفكرهم محل اعتبار، وجهدهم لا يضيع.

حمى الله الأردن، وبارك في قائده، وشعبه، ومؤسساته، وأفكاره النابعة من نبض الأرض.

Share This Article