يا صَدّام .. العراق ضاع .. والأردن جاع

6 د للقراءة
6 د للقراءة
يا صَدّام .. العراق ضاع .. والأردن جاع

صراحة نيوز- بقلم / عوض ضيف الله الملاحمة

البارحة جافاني النوم وهجرني ، وعمّق تفكيري وخوفي على وطني وأرعبني . وبدأت أحصي بالمتغيرات التي طرأت وجعلت وطني في ضنك . فوجدت ان غياب دعم صدّام هو الذي جعلنا على المحك .

عندما أرى وطني في ضيق ، يقفز الى ذهني غياب الشهيد الحيّ صدّام حسين ، فيصبح همّي همّين ، ووجعي وجعين ، ويزداد الكرب ، ويتضاعف الدّين ، ويطسنا ( ويchبحنا )البين . أنا لست من عبدة الأشخاص كما قد يظن البعض ، عندما يفهم الأمر بسطحية ، لكن في أوقات العُسر والمِحن ، يُفتقد البدر في الليالي التي ظُلمتها حالكة السواد .

صدّام يأسرني . صدّام لا يفارق مُخيلتي . صدّام يستعصي على النسيان . صدّام يقهرني إستشهاده . صدّام يأسرني غيابه . صدّام يقتلني الفراغ الذي سيطر على العرب من بعده . صدّام أذهل العالم بشجاعته ، وجرأته ، وصلابته ، وإقدامه أمام مقصلة الأنذال . صدّام صدمني ببسالته أمام حبل المِشنقة . صدّام حالة بسالة ، وإقدام نادرة على مدى التاريخ الإنساني .

صدّام رفض تغطية وجهه ليلقن الجُبناء درساً في الرجولة . صدّام تقدم للمِشنقة رافع الرأس ، مبتسماً .. نعم مُبتسماً ، مستبشراً ، صامداً . صدّام صدح صوته بثبات . ونبرته كانت نبراساً . وكلماته كانت ثباتاً ، وإعلاناً ، وتوجيهاً للأحرار من العرب . شهادة صدّام أذهبت تهمة الإلحاد عند أصحاب الفكر القومي عموماً . صدّام أعلن ثوابت الأمة بآخر كلمات نطق بها .

صدّام لم يجزع أمام الموت . ولم يخنع للأعداء . صدّام لم يُخِفه الإعدام . صدّام صدم العالم برجولته . صدّام هل قرأتم من يماثله في إستشهاده ؟

صدّام عندما يخطر على بالي يتحجر قلبي في صدري . صدّام من بعده العراق ضاع ، والأردن جاع .

بعد صدّام العراق لم يعُد عظيماً . وقيم العراقيين إنحدرت ، وأخلاقهم تغيرت ، وطباعهم تشوهت . والعِفة غابت ، والكرامة فُقِدت ، والأنفة ضاعت ، والكبرياء إختفت ، والعِزة هاجرت .

صدّام هل أنجبت مثله النساء ؟ صدّام حالة خاصة يسكُن العلياء ، ومن شيمه الإقدام والإباء .

التقيت دولة الدكتور / إياد علاوي ، رئيس وزراء العراق الأسبق في لقاءٍ عام ، قبل
أسابيع ، وسألته سؤالين : —
الأول : — هل ترى ان الشعب العراقي نادمٌ على فقد صدّام ، وهل أنت من النادمين ؟ والثاني : — هل يمكن ان يعود العراق عظيماً ويعود لحضنه العربي ، وإذا عاد هل يعود معافى ام مقسماً ؟ وأجابني بجرأة وصدقٍ ووضوح ودون تردد او تفكير ، حيث قال : — نعم العراقيون نادمون كثيراً على فقد الشهيد صدّام ، وأنا شخصياً أولهم ، وأكثرهم ندماً . وأردف قائلاً : نعم سيعود العراق عظيماً الى حضنه العربي موحداً بجهود العراقيين الشرفاء .

يا صدّام معارضوك أصبحوا يحبونك ، ونادمون على إستشهادك ، والشعب العراقي إفتقدك ، وكلهم يرجون عودتك . لكن هيهات ، لقد ندموا بعد فوات الأوان ، وندموا في وقت حيث لا ينفع فيه الندم .

ما أكثر الرؤساء في العالم . وما أقل القادة ، وما أندر الرموز الذين يحفرون أسمائهم بأحرفٍ مضيئة ، مُشعة ، لا تغيب عن البال وعن الخاطر ، وكلما إدلهمت الخطوب توسلنا رب العباد ان يعيدهم أحياء لتصحيح المسار .

ليتك تعلم أيها الشهيد الحيّ كم إفتقدك العراق ، وإفتقدك الأردن الذي إنتخيت له في قمة الوفاق والإتفاق التي عُقدت في عمّان عام ١٩٨٧ ، وقلت قولتك المشهورة تأكيداً على دعمك للأردن حيث قلت 🙁 نتقاسم اللي في الجِدر ) . ووفيت بما وعدت . حيث كان يُقدِّم العراق نصف إستهلاك الأردن من النفط مجاناً ، والنصف الثاني بسعر رمزي خاص قدره ( ٢٢ ) دولاراً للبرميل ، وعليه تصبح تكلفة برميل النفط العراقي على الأردن ( ١١ ) دولاراً .

أُنهك الأردن بعدك يا أبا عدّاي . فالمديونية وصلت ( ٦٢ ) مليار دولار ، والبطالة حوالي ( ٢٢٪؜ ) ، ونسبة الفقر المدقع مُرعبة ، ونسبة الفقر العادي مُخيفة ، والطبقة الوسطى تلاشت . والغلاء بلغ أضعافاً مضاعفة حتى أتى على أصحاب الدخول المتواضعة وعضهم الجوع بأنيابه . بالمختصر أصبح حالُنا بالويل ، وطسنا البين بعد صدام حسين .

صدّام ، لا أدري كيف تبتسم للموت هل إستهزاءاً ، ام إقداماً ، ام انتفاءاً للخشية منه ؟ أعتقد انك إبتسمت إستخفافاً بالأعداء ، وإقداماً لجسارتك وشجاعتك غير المعهودة بين البشر ، وإنتفاءاً للخشية لأنك تعرف انك ذاهب لملاقاة ربنا الحكم العدل .

وأختم ببيتٍ واحدٍ من قصيدة لشاعر نبطي خليجي ، لم أتمكن من معرفة إسمه . يقول الشاعر مخاطباً أحدهم : إنت زعلت لأني مدحت صدام ؟ وأقتبس منها بيتاً واحداً وهو خاتمة القصيدة ، حيث يقول الشاعر :—
الفُرس صاروا زلم من عُقب صدّام / ومن عُقب ابو عداي ما ظل شوارب .

Share This Article