روح الهوية الوطنية التاريخية

3 د للقراءة
3 د للقراءة
روح الهوية الوطنية التاريخية

صراحة نيوز- د فاطمة العقاربة

روح الهوية الوطنية التاريخية

الثوابت (الله، الوطن، الملك)

الاستناد للدستور الأردني

تفنيد الخطاب الإقصائي دون مواجهة مباشرة

نبرة رصينة وراقية دون استفزاز

حين تشتد التحديات، تعود الأمم إلى جذورها.
وفي الأردن، لا نبحث عن هوية نكتشفها، بل نستحضر هوية نعيشها: نابعة من التاريخ، مختزنة في التضحية، ومحفورة بثلاثية خالدة في وجدان كل أردني: الله، الوطن، الملك.

لقد جاء الدستور الأردني ليكون الإطار الذي يحكم العلاقة بين الدولة والمجتمع، ويصون هوية الوطن من التسييس أو التذويب أو التشكيك.
ففي ديباجته ومادته السادسة، يؤكد أن الأردنيين متساوون لا تمييز بينهم، وأن الكرامة والعدالة والمواطنة ليست شعارات، بل حقوق دستورية.

الهوية الوطنية الأردنية ليست ردة فعل، ولا بندًا في صراع إعلامي، بل تراكم نضالي طويل، صاغته الدماء التي سُكبت دفاعًا عن الكرامة، والقرارات السيادية التي اتخذت في اللحظة الصعبة دون تردد.
هي هوية انبثقت من تجربة الدولة، لا من تأويلات اللحظة أو من نبرات التخوين المتعجلة.

وعندما يحاول البعض اختزال النقاش الوطني في ثنائيات: مع أو ضد، وطني أو مندس، مقاوم أو مفرّط، فإنهم في الحقيقة يُضعفون الإجماع لا يُعزّزونه، ويهدمون الجبهة الداخلية بدل تحصينها.

إن الحديث عن “مخاطر على الهوية” لا يبرر مصادرة الرأي، ولا يتيح لأحد أن ينصّب نفسه حارسًا على وعي الناس أو على ولائهم.
فأخطر ما يُواجه الدول ليس التعدد، بل كتم الصوت، وأخطر ما يواجه الهويات ليس الخارج، بل النزعة الإقصائية من الداخل.

الأردن الذي ثبت في الميدان، ورفض مشاريع التوطين، وتمسك باللاءات الثلاث (لا للوطن البديل، لا للتوطين، لا للتهجير)، لا تهزه آراء ولا تقوضه رؤى وطنية متعددة، مادامت تنطلق من سقف الدستور ومن حب الوطن.

الاختلاف ليس تهديدًا. ما يُهددنا حقًا هو زرع الشك بين الناس، والتشكيك في كل مخالف، وتصنيف الأردنيين بين “أصيل” و”دخيل” بلغة تضعف الوطن وتخدم خصومه.

نعم، الهوية الأردنية التاريخية هي جدارنا الأخير، لكنها لن تبقى صلبة إلا إن حُمِيَت بالحكمة لا بالغضب، وبالعقل لا بالصوت المرتفع، وبالثقة لا بالتحريض.

فمن أراد الدفاع عن الأردن، فليبدأ من احترام دستوره، وصون وحدته، وردم الفجوات لا توسيعها.
لأن هذا الوطن ليس ورقة في صراع، بل وطن شعب حيّ، يعرف من هو، ويثق أين يقف.

Share This Article