سوريا الحبيبة .. الى أين !

6 د للقراءة
6 د للقراءة
سوريا الحبيبة .. الى أين !

صراحة نيوز- بقلم / عوض ضيف الله الملاحمة

سوريا ليست قطراً عادياً كما الأقطار العربية الأخرى . سوريا هي إحدى حواضر العرب الثلاثة ، حيث تشكل مع بغداد ، والقاهرة صناعة التاريخ العربي ، وصناعة أحداثة .

فسيفساء الشعب العربي السوري كانت إحدى أعظم ثرواته ، حيث يشكل تنوع أعراق الشعب السوري ، وتعدد دياناته ومذاهبه ثراءاً عظيما متفرداً ومتميزاً .

لا أظن ان سوريا ستتمكن من المحافظة على وحدتها شعباً وأرضاً بعد بشار الأسد . لكنه يتحمل مسؤولية دخول سوريا الى آتون الإقتتال الداخلي ، بسبب فشله في تجاوز الإستهداف والتآمر الذي حلّ في سوريا وأصابها في مقتل . حيث تعامل بحدة ودموية غير مسبوقة مع الإحتجاجات الشعبية ، ولم يتجاوب مع المطالب الشعبية ، ليفوت الفرصة على التهديدات الخارجية . ويُبقي لحمة الشعب ، بدل الإنشقاقات التي أضعفت اللُّحمة الوطنية ، مما أتاح للتنظيمات الإرهابية المتعددة الولوج لنسيج الشعب السوري وتفتيته الى أعراق وإثنيات ومذاهب أضعفته ، وضيعته ، مما إضطر كل مكونات الشعب السوري للإلتجاء الى جهة معينة ، داخلية او خارجية او إرهابية للإحتماء بها ، ناشدين حمايتها .

ورغم مرور حوالي ( ١٣ ) من الإقتتال الداخلي ، ورغم توافر عدد من الفرص لبشار الأسد لتخطي العقبات والمِحن وتجاوزها . بوضع دستور جديد للبلاد ، والدعوة لإنتخابات رئاسية وبرلمانية ، الا انه عاند ، وتشبث بغطرسته ، مما فوت فرص إنقاذ سوريا .

إستمر التدهور ، حتى هزّ أركان الدولة السورية وأضعفها ، ووصل الضعف الى كل مفاصلها . في الوقت الذي صمت فيه على التجاوز التركي ، مما مكّن المنظمات الإرهابية بدعم تركي من إقامة دولية في الشمال . وأدت مهارة أردوغان في التفاوض الى إقناع الأمريكان برعاية ودعم الدولية الإرهابية في الشمال . كما ضمِن أردغان دعم العدو الصهيوني لدويلة الشمال مقابل إقتطاع أجزاء من سوريا الوطن ليسيطر عليها الكيان . تمكن هذا المخطط من النجاح ورؤية النور على الواقع في ظل التراجع الروسي غير المفهوم .

وهذا أدى الى تحركٍ خياني للمنظمات الإرهابية والبدء بإجتياح سوريا من شمالها حتى وصلوا دمشق العاصمة ، عندها فَرّ بشار الأسد مذعوراً ، الى موسكو ، دون ان يُعلِم أقرب الناس اليه ، وكان فراراً مُخزياً لا يليق بنظام حَكم سوريا لأكثر من ( ٥٣ ) عاماً .

وجاء إرهابي ليحكم سوريا القطر العربي العظيم ، وهو مُثقل بوعود وعهود والتزامات مع عدة جهات هي : أمريكا ، والكيان الصهيوني ، وتركيا . ولإفتقاره للقوة ، والحكمة ، والحنكة ، والخبرة ، ضاع ، وتاه ، وتردد ، وعندما طال إنتظار الموعودين ، تقدمهم الكيان الصهيوني ، الذي لا يملك صبراً أمام إغراءات الوعود ، وامام خوفه من حدوث شيء ما يَذهب بتلك الوعود ادراج الرياح ، تقدم بقواته ، وإجتاح سوريا ، وتمركزت قواته بعد ان توغلت بحوالي ( ٤ ) كم ، داخل الحدود السورية . كما دكّ العدو الصهيوني مواقع الجيش السوري ، في مختلف مناطق سوريا ، ودمر أسلحته ومستودعاته تدميراً تاماً .

وبدأت العديد من مكونات الشعب السوري بالتململ ، والتحرك بدعم خارجي من دول عديدة لتفكيك سوريا الوطن ، وتقسيمها . ولغياب الحكمة ، والقدرة ، والكفاءة ، وللإضطرار للإستجابة للوعود التي أطلقها حاكم سوريا الحالي ، إتسع الرتق على الراثي ، وتم البدء بالتفاوض مع العدو الصهيوني وهو يقضم بالأرض السورية ، دون ان يعبأ النظام الجديد والنظام الرسمي العربي المتخاذل . بدأ الأكراد ، والدروز ، والعلويين ، كُلٌ في منطقة تواجده بمحاولات للإنفصال عن الوطن الأم . فسالت الدماء بغزارة على شواطيء الساحل السوري . وتنمر الأكراد ، وهدأ التصعيد بشكل مفاجيء . وجاء دور العرب الدروز ، الذين كان لهم دوراً رئيسياً مؤثراً في تحرير سوريا من الإستعمار الفرنسي .

وهنا ضاعت الطاسة كما يقال ، فمن الدروز من اعلن انفصاله عن سوريا وانضمامهم للكيان ، ومنهم من عارض ذلك . الى ان قامت الدنيا ولم تقعد في السويداء ، وقامت الحكومة السورية بتحريك قوات من الجيش السوري ، فقصفهم العدو ، وطالبهم بالإنسحاب منها ، والغريب انهم إستجابوا لمطالبات العدو وإنسحبوا !؟

الإقتتال هو سيد الموقف الآن في السويداء ، ولون الدم الأحمر هو السائد والشاهد . وحسبما يقال ان الإقتتال بلغ أشده بين العشائر السورية والدروز ، ولا أحد يعرف منتهاه ، ولم نسمع صوتاً للرئيس السوري او الحكومة السورية . وليل سوريا أصبح مدلهماً ، وكئيباً ، والسوريون يهرقون دماء بعضهم لا على شيء ، ونحن نتفرج ببرود مُخزٍ حدّ العمالة والخيانة والعار يلف وجوه أصحاب القرار .

ومع كل الأسف يتحول الدروز من طائفة سورية متجذرة في خلايا الشعب السوري ومناضلة ساهمت مساهمة كبرى في تحرير سوريا الى خطر كامن يهدد وحدة سوريا بدعوة فئات مؤثرة منهم للإنضمام للكيان ، ويبدو ان التأييد للكيان ينتشر بينهم بشكل خطير . يضاف الى ذلك ارتكابهم مجازر بحق ابناء العشائر وقتلهم النساء والأطفال واحتجازهم اكثر من ( ٢,٠٠٠ ) رجل من أبناء العشائر ، حسب تصريح رسمي للشيخ / راكان الخضير ، رئيس تجمع عشائر الجنوب السوري .

وفي الختام ، سوريا تسبح بدماء أبنائها وإقتتالهم ، والعرب نيام ، خانعون أذلاء ، يرقبون المشهد إما بتشفٍ او بعجز وقلة حيلة . لكن أكثر المتأثرين بالمشهد السوري وطني الأردن ، والعشائر السورية تطالبه بالتدخل والدعم ، والعرب الدروز يطالبونه بالتدخل وفتح المعابر لهم ، ونتابع المشهد ، لكن يبدو ان الصمت سيد الموقف ، إما لعجز وقلة حيلة ، او إستجابة لأوامر خارجية ربما العدو الصهيوني ليس ببعيدٍ عنها .

Share This Article