إسرائيل توافق على دخول الجيش السوري للسويداء تحت ضغط أميركي

5 د للقراءة
5 د للقراءة
إسرائيل توافق على دخول الجيش السوري للسويداء تحت ضغط أميركي

صراحة نيوز- توقفت مصادر سياسية في تل أبيب اليوم عند التغير الواضح في موقف إسرائيل تجاه الأحداث التي تشهدها محافظة السويداء جنوب سوريا، وخصوصاً فيما يتعلق بقبول دخول قوات الدولة السورية إلى المنطقة، بشرط أن تكون مهمتها الأساسية حماية الطائفة الدرزية.

وترى هذه المصادر أن قرار الموافقة جاء أولاً بناءً على طلب الإدارة الأميركية، لكنه جاء أيضاً بعد موجة طويلة من الانتقادات التي طالت سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه سوريا، سواء داخل إسرائيل نفسها أو على المستوى الإقليمي والدولي. كما أشاروا إلى حالة التخبط التي تواجهها حكومة بنيامين نتنياهو، التي تحاول التوفيق بين مطالب الجنود من البدو والدرررز في الجيش الإسرائيلي، وهو ما يزيد الوضع تعقيداً.

وأوضحت المصادر أن الإدارة الأميركية، التي لم تعترض وربما أعطت الضوء الأخضر للقصف الإسرائيلي على مواقع في سوريا قبل يومين، أدركت أن هذه الخطوة قد تحمل مخاطر أكبر من فوائدها. فإجبار القوات السورية على مغادرة السويداء والعودة إلى دمشق أدى إلى تفاقم الأوضاع الأمنية هناك.

لذلك، أوقفت الإدارة الأميركية القصف، وحثّت إسرائيل على السماح بدخول القوات السورية لفترة تجريبية مدتها 48 ساعة، على أن يعاد تقييم الوضع إذا نجحت هذه القوات في استقرار الأمن ووقف الاشتباكات.

وفي المقابل، تخشى إسرائيل من نجاح هذه التجربة، إذ قد يؤدي ذلك إلى فشل المطالب التي رفعها نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس بنزع السلاح في المنطقة الممتدة بين دمشق والحدود الأردنية.

وتشير المصادر إلى أن دولاً إقليمية تنظر الآن إلى نتنياهو باعتباره يحاول تكرار سياسته التي اتبعها تجاه الفلسطينيين، إذ بينما رحب العالم بقدوم الرئيس محمود عباس كقائد سياسي يرفض العنف، حاول نتنياهو تقويضه وإضعافه، ثم عاقبه بسبب ضعف موقفه.

ومن الجدير بالذكر أن المعارضة داخل إسرائيل نفسها بدأت تبرز بشكل واضح، مع انتقادات شديدة للتدخل الإسرائيلي في سوريا، معتبرة أن هذه السياسة غير مدروسة ولا تخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل. فقد أكد رئيس المعارضة يائير لبيد، رئيس الوزراء السابق، أن موقف الحكومة لا يقوم على رؤية استراتيجية واضحة.

أما البروفسور إيتمار رابينوفيتش، المتخصص في شؤون سوريا والذي قاد الوفد الإسرائيلي للتفاوض مع سوريا منذ مؤتمر مدريد عام 1991، فأخذ موقفاً أكثر حدة، حيث وصف سياسة الحكومة بأنها تفتقر إلى التفكير العميق، وأن قادتها يعبرون عن مزيج من جنون الاضطهاد وإحساس مفرط بالقوة، خاصة بعد هجوم حماس في أكتوبر 2023 وإنجازات إسرائيل تجاه حزب الله وإيران. ورأى أن هناك مصلحة مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا في التهدئة، منتقداً تأييد الرئيس السابق دونالد ترامب للرئيس السوري بشار الأسد.

ويومياً، تنشر في تل أبيب مقالات وتعليقات تبرز أهمية القنوات الدبلوماسية للضغط على الحكومة السورية من أجل فرض الأمن ووقف نزيف الدم، وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، مما قد يحسن صورة إسرائيل في المنطقة والعالم.

ويبرز في خلفية هذه القرارات الإسرائيلية الصراع العميق بين العشائر البدوية والدرزية في جبل العرب السوري، الذي يعود للقرن الثامن عشر. وتوضح المصادر أن قوة القيادة في دمشق هي العامل الحاسم لتهدئة هذا الصراع أو تفجيره عند ضعفها، وهو ما يستغلته عناصر فوضوية لتحقيق مكاسب شخصية.

وتسائل المصادر عن موقع إسرائيل في هذا الصراع: هل ستتورط فيه بشكل مباشر، أم ستتصرف كدولة مسؤولة ذات سياسة استراتيجية؟

وهناك اتفاق شبه كامل في إسرائيل على أن حكومة نتنياهو اتخذت موقفاً غير ملائم لدولة مستقرة، حيث تجاهلت حقيقة وجود بدو ودرررز ضمن صفوف الجيش الإسرائيلي، والذين يشكلون نحو 2500 درزي و450 بدوياً، إضافة إلى 50 مسيحياً عربياً. وتشهد وحدات الجيش في بعض الأحيان توترات بين هذه المجموعات على خلفيات مختلفة، مما يهدد بانتشار الصراع داخل الجيش نفسه.

وبناءً على ذلك، تؤكد المصادر السياسية أن إسرائيل مضطرة لتبني سياسة جديدة تجاه سوريا، تتماشى مع مواقف القادة العرب الذين منحوا الحكومة الجديدة في دمشق فرصة لإنقاذ البلاد من ويلات الحرب، محذرة في الوقت ذاته من استغلال نتنياهو لقضية الدروز لفرض أجندة أمنية تصب في مصلحة إسرائيل لكنها قد تشعل ناراً لا يمكن السيطرة عليها، مما قد يغرق إسرائيل في أزمات جديدة بعد أن تكبدت خسائر في غزة.

 

Share This Article